كذّاب !

غالبا ما سألتك عن حالك لأطمئنّ إلى حالي. كثيرا ما هدفتُ الى التحقّق عمّا إذا كان جناك يزيد عن جناي!

وأنت! ألا تشبهني؟

هل تريدُ أن تكونَ صادقا؟

لن تقوَ وحدك !

هلمّ نتحابّ، نتقادس، نتجاهد، نتعاون، نتشارك، نتذاوب. انا وأنت. صادقَين.

بكلمة الله وروحه، لن نكونَ إلا واصلين.

 

يهوذا الأسخريوطي

قالوا لنا ونحن بعد صغارا: يهوذا أسلم المسيح الى أعدائه الذين صلبوه لقاء صرّة من الفضة. كان القول كافيا لأن نكره يهوذا، ونكيل له اللعنات ونرى فيه رمزا للخيانة والغدر.

ما علّمونا إياه عن يهوذا صحيحٌ. لا مجال للشكّ فيه. صحيحٌ أيضا أنه بات رمزا للغدر، ولكن!

اليوم، وبعد أن تقرّبت من يهوذا. قاربته إلى أعمق من الصورة الظاهرية. بان لي جليّا أن Continue reading

الشيخوخة إن فاجأتك

تَرى الشّيخوخةَ وقد أدركتْ قاماتٍ أحببتَها. تتيقّنُ أنّ الفراقَ محتوم. تتهيّبُ الساعة.

تُحاولُ نفضَ غبارَ الأيّامِ عن رأسِكَ أوّلاً. لا تفلح.

عن رؤوسٍ تخشى أنْ تكونَ مضطراً لرؤيتِها تغيب. تُخفقُ أيضا.

تجولُ ببصرِكَ على أملاكٍ تظنّ أنها لك.

ببصيرتك على عشراتٍ مِمّن قالوا إنها لهُم. قبلك.

تتنبّهُ أخيراً إلى ما كنتَ غافلاً عنه.

تُدرّبُ قلبَكَ على السّير وراء الله.

تتمنّى لو  تكونَ الرّحلةُ النهائيّةُ حجّاً إليهِ. تبرّكاً بوجههِ المُبارك.

يا لَفَرحي… لو تمّ ذلكَ لأحبّائي…

ولي …

—————

سمعتُ أحدَ كبارِ كبارِ المُستنيرين من آباء الكنيسة يقول: ” أعيشُ على رجاءِ امّحاءِ خطاياي وكسبِ الرّحمة الإلهية”.

ساءلتُ نفسي عن خطاياها.

قالتْ: يا لَبؤسِكَ. تحتاجُ إلى ألفِ ألفِ رجاء…

أنا هو

لماذا باب أنا هو؟

لتلطيف فكرة الموت، فإذا هو مُشتهى.

ليكون ممكنا تقبّله كحركة انتقال من حياة إلى حياة.

ليصير الهدف من الحياة غلبة الموت وقهره.

لأنه كرّرها في إنجيل يوحنا 21 مرّة.

ببساطة لأنّه هو هو… هو العهد المقطوع. هو الوعد الموعود. هو البداية، وهو النهاية. هو الراعي والطريق والحق والحياة والنور والخبز والماء والخلاص والقيامة والباب. لأنه هو الألف، وهو الياء.

 هو نفسُه أكّد في كتابات العهد الجديد. قال: Continue reading

شمعتها لا زالت مضيئة في نفسي

كنا صغاراً. مِثلَنا كانتْ دُنيانا. طفوليةً. بريئةً. تشبهُنا.

كانت أعيادُنا لا تزالُ شموعاً نهوى مسحَ دموعها ولو حرقَت أيديَنا، وبخّوراً نصدّق أنّه يطردُ أشراراً قالوا لنا إن اسمَها الشياطين.

كنا صغاراً وكان دواؤنا نذوراً تلجأ إليها أمّنا، فتُفرحُنا، على أمل أن تكونَ بديلا عن إبَرِ خالي مخايل الغليظةِ، ووخزَاتِها المؤلمةِ.

كان قدّيسونا أصحابَ اختصاص وخِبرة. بينهم من يُحسِنُ مداواةَ آلام الظّهر، وغيرُه مَن بَرَعَ في شفاءِ أمراض الصّدر أو الرأس، وسواهما مَن يهتمّ بترميم ما يصيبُ العظمَ أو العينَ أو الأذنَ من خلل … وإن ننسى، لا ننسى البيطريين منهُم، فهؤلاء ذاع صيتُهُم بين الفلّاحين، فتَراهُم يلجأون إليهم كلّما زلّت قدمُ خروفٍ، أو حلّت نائبةٌ بعنزةٍ، أو تعثّرت ولادةُ بقرة.

 ”مار إذنا” كان يشفَعُ لآلام الأذنِ، وللمصادفة، كان مزارُه في المقلبِ الثاني المواجِه لبيتِنا، ولا يفصلُنا عنْه سوى وادٍ عميق، تتلاقى فيه سَواقٍ شتويّةٌ كثيرةٌ، فتتّحدُ لتَجريَ مجتمعةً وتؤلفّ مع غيرها مجرىً لنهر واحد اسمُه نهر الدامور.

لا أعرفُ مَن هو “مار إذنا”، ولا أعرفُ شيئا عن سيرتِه، كما لا أعرفُ ما إذا كان شخصيةً واقعيةً أو – وهذا ما أرجّحه – من نَسْج خَيال أهل القُرى المُحيطةِ بالمكانِ، والمُطلّةِ عليه.

ومن ذلك الزّمن الطّيب، لا زلتُ أحملُ ذكرى يوم كأنما وقعتْ أحداثُه وقتذاكَ، فقط،  لتؤلمَني اليومَ، وقد جاوزتُ الستين، وباتَت مفكِّرَتي ذاكرةً وبناتُ أفكاري ذكريات. أصابني وقتذاكَ وجعٌ في الأذُنِ، ولا يخفى على أحدٍ ما يستدعيه وجعُ الأذن من صراخٍ إن ألمّ بصبيّ أشقى اللهُ به أماً، وكما لم يُشقِها بواحِد من إخوتِه أو من أخواتِه.

يومَها – وكان الزّمنُ صيفاً – تمكّن منّي الوجعُ وأخذَني الصراخُ، فرقّت قلوبُ  أخوتي وأخواتي، وتحلّقوا – لا حيلة لهم – حول أمي المحتارةَ في طبابتي بين قطرةٍ من ماءِ الوردِ، أو لبخةٍ من خلّ العنبِ، وبين ضمّةٍ تتخلّلها قبلاتٌ في موضِع الألم، وتتبعها كلماتٌ من مثل ” تقبرني” و “سلامة قلبك” و ” ريتها أذني ولا أذنك”، أو ما شابهها من تعابيرَ غالباً ما تكونُ هيَ وسيلةَ الشّفاء المُثلى.

 تحلّق أخوتي حول أمي، وما غاب منهُم إلا ناهية. غابَتْ بنتُ السابعةِ داخلَ الدّار، ولكنْ لتظهرَ بعدَ بُرهةٍ، وقدْ حملَتْ في يدِها شمعةً، أضاءَتها. ثمّ، بلمح البصر. أراها، تسرعُ إلى أقصى مكانٍ من الشُرفة. تضعُها فيه. وتنظرُ الى مزار “مار إذنا”، كأنّما ضارعةً، طالبةً  الشفاعةَ لأذنِ أخٍ فطرتْ صرخاتُه قلبَها، فما وجدتْ من حيلةٍ تخفّفُ فيها عنْهُ سوى شمعتها وإيمانها ودُعائها .

والآن! بعدَ نصفِ قرنٍ ونيّف!

ها أنذا أضيءُ للغاليةِ في نُسيماتي شمعةً ورديّةً…

على رجاءِ ألّا ينطفئَ نورُها…

إلّا وقد حانَ وقتُ اللقاء!

نهر الدماء

لو اني شجاع
لدخلت مجلس الطغاة
ونزعت القناع
عن وجوه العتاة.
.
لو اني شجاع
لمزّقت دفاتر شعري الحزين
ودعوت الموتى النائمين
الى مأدبة الرماد..
وسكبت في الصحون
في موسم الحصاد
شوكا يدمي الأيادي 
والبطون..
.
لو اني شجاع
لكسّرت القيود
عن قدميك 
يا الأسيرة.
وزرعت الورود
والزهور
في كأسك المكسور
يا الأميرة.
.
لو اني شجاع
ما خفت ظلمة لحدي
وعرفت أنه بعدي
سيُنبت نهرُ الدماء
نبيذا
بلون الدماء
يجري. ويجري..
يستحيل بحيرة.
.
ويسيل سهل السماء
عجينا وخميرة..

حواء

قزمٌ بين أقزام
أصحو وأسكر ، ثم أنام..

لي الكلمات
أكرز فيها من العَبَرات..
ولي الذكريات
العاريات
تطفو على بحيرات
مسحورة
مسكونة
خالية
لا أحد
لا أحد…

تبكي وتضحك
على موجاتها، كلّ شتاء
في كلّ مساء
من الجنّ أميرات
ومن بني البشر
مومسات…

كلّ تفاح الأرض من جسد واحدة..
نمَتْ منه الرغبات
واحتدمت فيه الشهوات..
كانت، بلا شك، حمراء..
حمراء…

آه منك، وأسفي عليك
حواء…

ما كان أحلاك يا أبي!

كنّا صغيرين.. أنت وأنا..أتذكر يا أبي !
كنتَ توقظني مع الفجر لنبدأ مشوار النهار.
مع الشمس والتراب والكروم..
بين أشجار التفاح المثقلة بالنجوم…
أتذكر يا أبي يوم كنّا.. انت وأنا..

Continue reading

تاريخنا هو مستقبلنا

رنّة الزهر إذ يتراقص على خشب السنديان ترقى في أذهاننا الى مستوى الموسيقى؟
حياتنا رقصة دائمة على موسيقى زهر طاولة الزهر..
لهذا لا نحبّ الشطرنج.
نطرب بالرقص وننتشي بالغناء..
 
أعمالنا الفنيّة صورة عن واقعنا.
ما حاجتنا الى المسرح؟ واقعنا مسرحيّة مستمرّة.
ألسينما عندنا تنتج ما هو صدىً لأفلام الأمس. تبرع في تصويرتاريخنا، تجعلنا نفخر به مستقبلا لنا.

روبوت

العقل الغربيّ إبتكر ال “روبوت” وأدخله حتى في علم الحروب.
وما حاجة الغربيّين الى كلّ هذا الجهد؟
أينكرون أننا نحن روبوتاتهم المفضّلة، الأكثر أمانة ودقة؟
برمجة عقولنا أسهل بكثير من برمجة إنسانهم الآلي ..

لعبتنا أرقى

نقدّم طاولة الزهر على الشطرنج لأن الأولى أسهل.. 
يشاركنا الله الحيلة فيها.
هو يعطينا ال”د شاش” الذي نحتاجه.
هو يحرمنا منه.
نسمي هذا قدرا.
هكذا يصير تقبّل الهزيمة أيسر. تنتفي عنها صفة العار.
رمية الزهر هي حركة باتجاه ما لا يُعرف، ويصير معروفا قدَرا لا ذكاء.
الزهر يوفر علينا قسطا من التفكير.
نريد أن نتبلّغ، أكثر مما نريد ان نفكّر..
أمرك سيّدي..
نفضّل أن نكون مسيّرين في قراراتنا. نستسهل أن يقرّر أحدٌ ما عنّا. في معظم الأحيان هو الله.
من هذا المنظور طاولة الزهر أرقى من الشطرنج!!!

المنارات

إستغراب ما يفعله المتحاربون- في سوريّا أو في سواها – نكران للواقع ونسيان للحقيقة.
المتحاربون فعلوا ذلك منذ آلاف السنين. سيفعلونه بعد آلاف السنين..
أفهم أن يدمّروا المستشفيات  والجسور، وأن يقتلوا الأطفال والنساء والشيوخ.. والرجال..
ما لا أفهمه تدميرهم لما نحن، في عالمنا العربي، أحوج ما نكون إليه. المنارات.
ما قرّت عين الطغاة يوما لشيء قدر ما قرّت لجهل شعوبهم.