بونا خليل

أنا في القاطع الشمّيس. في بيت خالي مخايل، الذي هو الآن بيت ابن خالي وعمّتي الياس، رفيق صباي وفتوّتي وشبابي، ورفيق كلِّ قفزة زمن في هذا العمر الذي ما خلتُه مديدا إلى هذا الحدّ..
أجلس في فناء الدار الخارجيّ. نظري ناحية القاطع الضلّيل. عن يميني شتولُ الزنبق. عن Continue reading

بنعمتك ربّي.. أنا لن أموت..!

سألتُ نفسي تكرارا: وهل يُعقلُ أن يكونَ ربّي قد جاء إلى وادينا البائس هذا، واحتمل ما احتمل من قذاراتنا؛ وفقط، وفقط حتّى نحاولَ نحن من ناحيتنا أن نكونَ في سلوكنا قيراطَين أفضل؟
إن أنا آمنتُ واقتنعتُ بأنّه احتمل ما احتمل على الصليب وقبله، فهل يُعقلُ أن أكتفي من ناحيتي بمحاولة تحسين سلوكي؟
هل Continue reading

وجدتُها.. حتّى لا أموت..!

الملكوت ليس مكانا. هو حالة.
الجحيم ليس مكانا. هو حالة.
بلوغ حالة من الحالتين ليس قدرا. هو خيار.
بل أكثر. هو قرار.

المسألة سهلة جدا، وتقبّلها يسيرٌ جدا، بخاصة لمن سلّم أمره للرب، ووُجد فيه، وارتمى بكليّته بين ذراعيه، أو على الأقل طمح الى Continue reading

لستُ مرعوبا ولكن.. لا أريدُ أن أموت!

أُدركُ أن عداوتَنا معه نتيجةٌ لجهلِنا له. لا نعرفُ ما يخبّئُه لنا بعد الرحيل، وإن عرفنا تخفّ حدّةُ العداوة لأنّ حدّةَ الخوف تتلطّف. قد تكونُ على موعد مهم فتحسَّ رهبةَ اللقاء . وقد تكون على سفرٍ اخترتَه فتأخذَك أبضا رهبةُ الحدث. الموتُ سَفَرٌ لا خيارَ لنا فيه. لا يُلغى ولا يؤجّل. المجهولُ دوما مرهوبٌ، والرجفةُ إشارةٌ إلى عدم الفهم..

العارفون قالوا إنه نومٌ عميق، كما أنّ النومَ موتٌ خفبف. عندي، هو عبور. من الأسر الى الحريّة. ولكنّ السرَّ بقي سرا، وبقيت الرهبةُ أمامه رهبة.

أحبّ أن أعودَ دوما إلى ما كتبه النبيّ داود في Continue reading

أكتبُ قارئاً الحقيقة.

قناعتي باتت راسخة: حقيقة واحدة لا ثانية لها. لمّا جاء السيّد إلى هذه الأرض قالها. ومذ غادرها صار يستكتب أشخاصا يعيدون صياغتَها بقوالبَ مختلفة وحلل جديدة .

انا، قارئا، أقرأ لأتكوّن. أبحث دوما عن طعم الحياة في ثمار أنضجها مَن سبقني إلى الحقيقة. الحقيقة ثابتة لا تتغيّر. وإن حصل أنّ نفسي عبقت بعبير زهور الخير والجمال، أراني غير قادر على  مقاومة المخاض. هنا لا بدّ لي من أن أنجب. أكتب.

أنا، قارئا العظام أحسّ بأنّي Continue reading

أكتبُ واعياً الحقيقة.

لا تقلْ لي إنّك ما كتبتَ إلا لتحقّق ذاتك. هذا ضعفٌ ولو وجب تفهّمه. أنا كاتباً، ما كتبتُ إلّا لقارئ أحببته. وعيتُ حبّي له أو لم أعِ. هذا في المطلق، فكيف  لو كان الكاتب مؤمنا عنيدا إلتزم أمام سيّده بأن يكونَ كلمتَه.
أكون كاتبَ الحقّ أو لا أكون. إذا كنتُ فأنا أديب، أكتب لأنّي لا أستطيع إلّا أن أفعل. والأديب لا يكتب ليشعرَ بلذةٍ بل بفرح. الفرح منبتُه فوق، وهو يُنزّل على الكاتب الحقّ من فوق. تنزيلُ الفرح لا يكون للمكافأة إنّما للتكليف. والتكليف لا يكون إلّا لمن خرج من نفسه واقتدرَ في معركة المحبة والتبليغ. وإذا لم تكن الكتابة على هذا النحو فهي ثرثرةُ هذا العالم وضجيجُه .
أنت إذا قلتَ أنا أكتب لأحققَ نفسي، فكيف تتحققُ نفسُك دون الآخر وهو قارئك؟ الذات تمّحي في الكتابة حيث لا مكان للغنج والتدلّل.
السيّدُ في عظمته والذي عرّفه يوحنا الرسول بأنّه ” الكلمة ” لم يدُر حول نفسه ليحقّق ذاته. هو بحث عن الآخر وتأنّس من أجله وعلّم وقوّم لأنّه يحبُّ وليكونَ فرحُه كاملا به. هو كلمةُ الآب وأنت كلمتُه. فهل يُعقل أن تكونَ كلمتَه وتستلذّ بها أنت؟
أن تكتبَ للقارئ ولأنك تحبّه فهذه خطوتُك إلى الإبداع . لا يُبدعُ من لا يُحبّ. أنت تُلقي كلمتَك فقط لقارئ هو وارثك الحقيقيّ، وقد تعي ذلك أو لا تعيه. لكن Continue reading

في الخلّاط

أخرجُ منهُ ثمّ أجدُ نفسي فيه.
تشدُّنا جاذبيّتُه. نعيشُ داخلَه ولا ندركُ كُنهَ ما نعيش. نكسبُ ولا ندركُ أنّنا بفعلتنا هذه قد خسرنا. نملكُ غير واعين أنّنا بذلك قد مُلِكنا. يدفعُنا الخلّاط في دورانه صعودا فنتهلّلُ، ثمّ نزولا فنأسى ونتعس. كلُّ ذلك لكوننا نعيشُ هذا العالمَ، ونأبى أن نعيشَ سواه. لكونِنا نعيشُ دوما لصقاءَ هذه الأرضِ، وأسرى لجاذبيتِها، وأحيانا لأهلِها.
سواهُ يعني نقيضَه، ولا نقيضَ له سوى Continue reading