كتبتُ عن حوّاءَ. كتبتُ عن اليهود. صرّحت بموقفي عنها وعنهم، وما كتمتُه. واجهني أحد الأحبّة بمصارحة قائلا: أأنت كارهٌ للنساء واليهود؟
إستوقفني الحدث. ما أجبت. فكّرتُ مليّاً بالموقف. عدتُ بالذاكرة إلى كلّ ما كتبت عن هاتين الصورتين. وصلتُ إلى النتيجة القاطعة المفسّرة مواقفي التي أعتزّ بها وأصِرّ عليها.
أنا لست كارهاً للنساء. أنا كارهٌ لحوّاءَ. أنا كارهٌ لها في طبيعتها الشهوانيّة الأولى، قبل طردها من عدن. خطيئة عصيان، واستدراج شريكها الى الخطيئة. خطيئة معصية، وعِشرة رديئة. خطيئة تفرّد بالرأي، وشكّ، وعدم إيمان. خطيئة كبرياء، وحبّ معرفة ذاتيّة بعيدا عن المصدر النورانيّ لكلّ معرفة. خطيئة شهوة بطن وجسد. الشهوة التي كانت ثمرتها قايين. قايين ابنُ الشهوة، قاتلُ أخاه.
أنا لست منكراعلى حوّاءَ توبتها وندمها، بعد الخروج. لا أشكّ أبدا بأنّها تابت، وطلبت الغفران من ربّها، فنالته. برهاني: أُعطيَت هابيلَ المرضيّ عنه تعويضا وبركة. كان من نسلها أيضا بارّات مرضيّ عنهنّ.
لا.. أنا لست كارهاً لحوّاءَ، بعد استغفارها ربّها، وندمها على فعلتها. أنا منحنٍ أمام كلّ حوّاءَ، خلعت طبيعة عدن، وتحلّت بالطبيعة الجديدة.. على ندرتهنّ، هنّ كثيرات.. أعرفُهنّ بالوجوه والأسماء.
أقدّر أكثرَ ما أقدّر منهنّ اللواتي تعلّقن بأهداب ثوب مريم، وما تركْنَه إلّا وقد انتهى العمر. لهُنّ كلّ حبّي، وكلّ احترامي. لنفوسِهنّ السمْحَة السامية كلّ بركة وكلّ نعمة.
سُئلَت حواءُ، من اللواتي خلعْنَ طبيعةَ عدن الشهوانيّة، عمّا تفعلُه إن خانها زوجُها، واتّخذ لنفسه خليلة، عن غير حقّ. قالت: ألتفتُ إلى السماء. أصلّي له ولي. ألزمُ بيتي. أرجو ربّي أن يعوّض لي خسارتي بركةً في أولادي. توجّهتُ بالسؤال ذاته لحواءَ ممّن لا زلْنَ في رداء عدن. قالت الحمقاء: أنا أقتلُه. قالت واحدة من صديقاتها: أعامله بالمثل.
أوَيُنكرُ عليّ أحدٌ حقّ تقديري الأولى، ومحبتي لها ؟ أوَيُؤخَذُ عليّ مقتي الثانية واحتقاري صديقتها، وكرهي لهما ؟
اليهود. شعب الله المختار. أنا لستُ كارها لهم، بل لكبريائهم وتعنّتهم. أنا كارهٌ لجهلهم وغباوتهم.
شاء الله اختيارَهم لا ليميّزَهم، بل ليتلمذَهم. قال الله: أدجّنُهم، أروّضُهم، ثم أجعلُ منهم شعباً معلّماً وهادياً لباقي شعوب الأرض، في عصور الظلمة والضلال. قالوا: تميّزنا، سَمَونا، نحن المختارون. نحن الأفضل. كرِهوا واحتقروا باقي شعوب الأرض.
حوّلوا نعمة الإختيار إلى نقمة، بتكبّرهم وضلالهم الذي بلغ بهم مبلغ رفض الربّ عندما جاءهم في الجسد.
لهؤلاء، أنا كارهٌ. أنا غير كاره لليهوديّ، لكونه يهوديّا. أنا غير كاره له، لرفضه المخلّص وبقائه على يهوديّته، بصدقها وطهرها وحسن مقاصدها.
أنا كارهٌ لليهوديّ إن ظلّ فرّيسيّا، إن بدت عليه علائمُ الكبرياء والتميّز واللؤم، جهلاً بمرامي الربّ ورفضاً لمقاصده المقدّسة.
هل أنا كارهٌ فعلا لليهود والنساء؟
نعم لليهود إن كانوا يرَون أنفسهم شعبا مختارا ويسيئون تفسير الكلمة.
نعم للنساء إن لم يتحرّرْنَ من عبوديّة حوّاء، ويتعلّقْنَ بذيل أثواب مريم.