بنى البيتَ من حجر
زيّنَتْهُ بأحلى من الياسمين
طيّبَتْهُ بالشمائلِ..
والسنابلِ..
والفضائلِ..
سيّجَتْهُ بآلاف السنين

زرعَ في الجنينة كلَّ شجر
وكان كارها لحقيبة السفر..
وانحنتْ في اشتياق
تحضنُ العذراء
تعانقُ السماء
وتصلّي
وتدعو
لمن غابوا. ولمن سرقهم منها السفر

وجنينا من الجنينة قِفافَ الثمر
وقطفنا أبهى الشموس
وزرعنا أحلى قمر..

كم بكّرَ في سرّه
إلى حقله
حيث اختلى
يُدجّنُ الحجر
ينقّي ذاكرةَ التراب..
ويولّدُ الشجر

كم بكّرَت في سرّها
إلى فرنها
حيث اختَلَتْ
تنفخُ من روحها
توقدُ الرماد. ومن أيّ جمرة؟
تعطّرُ الميلاد. ومن أيّ زهرة؟
وتليّنُ القدَر

وكان في بيتنا طحين
وماءٌ وملحٌ
وبنفسجٌ.. وياسمين
وكان فيه خمور
وتمور..
وأردية
وأغطية..
وكنا صغارا، ولَكَمْ طاب لنا
في عالمِ الأحلام
طولَ السهر

ولَكَمْ في معاصِرِنا عَصَرنا
من الجداول خمورا
من السنابل خميرا
وما انتهينا مرّة على أبواب العدم..
ومهما استبدّ الألم…

……………………………………………………..