وصار الملحدُ مؤمنا.

تحابّا وتآلفا. لم يباعد بينهما حسد أو بغضة، ولا فرّقهما كره أو غَيرة. ما اختلفا إلا في العقيدة، وما نكّد عليهما سوى إيمان الواحد وإلحاد الآخر. تحاججا طويلا في مسألة خلق الكون ووجود الله، فما وجد المؤمن في المحاججة سبيلا لإقناع صديقه بما ظنّه دوما في مصلحته؛ إلى أن شاء الله، فكان لقاءٌ بين الرجلين في مكتب عمل صديق الربّ، حيث وضع مجسّما للكون حسنَ الصنع، وقد حوى أحدَ عشرَ كوكبا والشمسَ والقمرَ ساجدين.

أُخِذ الزائرُ بما رأى، وما كان منه إلا أن سارع بالسؤال عن المخيّلة التي تخيّلت، وعن المفكّرة التي تفكّرت، وعن العقل الذي عقل، وعن اليد التي صنعت. كان السؤال فرصة انتظرها الصديق الآخر طويلا، فبادره بالجواب الحاسم القاطع: لم تصنعْه يدٌ. لقد شاءت الصدفة أن يوجد.

مستحيل! أجاب الزائر بتسرّع المنفعل.

وجاء الجواب الهادئ من الصديق الباسم: أيستحيل على الصدفة خلق هذا المجسّم الصغير، ويسهُل عليها خلق الكون العظيم بكلّ ما حواه من مجرّات وشموس؟

كانت هذه بداية الطريق، ولم يطل الزمن حتى صار الصديقان متشابهين في كل شيء، متكاملين متشاركين بمحبة خالق الكون ومدبّره.