يحلو لي أن أعودَ إلى يهوذا، لأخفّف عنه مقدار الغضب الذي نصبّه عليه، لمجرّد أنّه خان السيّد المسيح، علّي أستطيع البرهان أن موقفنا ينطوي على بعضٍ من ظلم.
يهوذا خان من اختلف معه في الرأي والهدف، فسلّمه بقبلة. نجرّمه ونمقت فعلته قناعة بأنه تسبّب بصلب السيّد المسيح، وليس لكونه رمزا للخيانة والغدر. هذا لبّ خطئنا. مقصد الربّ المتجسّد في يسوع هو الصليب. ما جاء إلا لإتمام مشيئة وتثبيت عهد جديد. يهوذا شخصية ثانوية في مشهد كبير. هو رمز للخيانة، ولكن ليس للجريمة.
يحلو لي أن أعود إلى يهوذا لأني أنا أيضا أخون السيّد، وفي كلّ يوم.
وأنت صديقي، ألا تخونُه أيضا؟ ألا تشبهُني في ذلك؟
انا أخونُه، وأكذبُ عليه كلّ يوم. أخونُه حتى في تلاوة الصلاة المفضّلة التي أتلوها تردادا لكلام. لا أنا أقصد ما أقول، ولا هو يصدّق ما أقول.. لأنه يعرف أني خائن وكذّاب!
أبانا الذي في السموات…… إغفرْ لي ذنوبي وخطاياي، كما أنا أغفر لمن أخطأ وأساء إليّ.
وها أنذا أسائل نفسي: متى غفرتُ لمن أخطأ وأساء اليّ؟
وأنت، أتذكر المرّة الأخيرة التي حدث وغفرت فيها لمن أساء اليك؟
أنا أخونُ السيّد في كلّ يوم، ثمّ لا أتورّع عن تناول جسدَه المبلول بدمه في كلّ قدّاس أحد.
وأنت صديقي، ألست آكلا جسدَ من خنتَه، وشاربا دمَ من ستخونُه بعد انقضاء قدّاس الأحد؟
فلنتفكّر صديقي. فلنتفكّر في كلّ ما يُحزن قلبَ الربّ من مواقف وكلام وأعمال تصدر عنا أو نؤدّيها، كلّ يوم، فإذا بنا نستحقّ لعنةً لا تقلّ عن تلك التي نرمي بها يهوذا، وإذا بنا نصلّي من أجله، ونطلب له رحمة، على أمل أن نصيبَ، نحنُ، في بؤسنا، نذرا يسيرا منها…