لا أخال يهوّذا مجرما. هو أضعف من أن يخطّط لجريمة وينفّذها. قراره بالإنتحار شنقا نتيجة طبيعية لشخصيته الضعيفة. يهوّذا رجل مخابرات.
قناعتي أن الرجل كان فاسقا، كذّابا، فسقه حتّم عليه الكذب. أخاله يتردد على الملاهي. يصرف من مال الجماعة، ولا يخرج من الأوكار تلك، إلا بروح منكوبة وجسد ملوّث.
كان يهوّذا يختلس من مال الجماعة لإشباع ملذّاته. لم يكنْ سارقا حباً بالمال. كان نذلا. حتى صرّة الفضّة التي فاز بها، كان في باله أن تموّل له مَجونه. صفة السارق لا تنطبق على مثل هذا. إنه دنيءُ النفس وضيعُها. تهون عليه كلّ الكبائرالمحرّمات أمام إشباع الملذّات.
تمكّنت الشهوات من يهوّذا بحيث إنه أمضى ثلاث سنوات برفقة المعلّم، ولم يقوَ على التخلص من حبائل إبليس.
هو أراد، على ما أظنّ، ولكنّه ما استطاع.
جال مع المسيح في طول البلاد وعرضها. رأى المعجزات التي أجراها. عاين صناعة العينين للأعمى من طين وريق فم. تيقّن من خلق جسد جديد للعازر بعد أن أنتن جسده القديم.
كلّ هذه الأحداث لم تقنعْ يهوّذا بأن معلّمه مختلف عن معلّميه الأُخَر الذين درس الشّريعة عليهم في الهيكل.
كيف يُعقلُ هذا؟ لا أجد تفسيرا لتسلسل الأحداث هذه سوى بالتسليم بالفكرة القائلة بأن لوسيفوروس ذاتُه سكن كيان يهوّذا ليكونَ لصيقا بيسوع، إذ كبُرت شكوكه بكونه المسيح، بعد أن فشل في استمالته عند إتمامه صوم الأربعين.
مسكين يهوّذا ! هو مستحق للشفقة. ليس هو من فعل ما فعل !
ألأم كانت مدركة هذه الحقيقة، ولا أستغربُ إن سمعتُ من يقول إنها أرسلت مَن يبحث عنه بعد تسليمه يسوع لتسامحه وتحثّه على التوبة.
ما كنت لأستغرب أيضا لو سمعتُ من يقول إنه كان ليحصل على الغفران لو أنه تاب عمّا فعل.. رحمة الربّ لا حدّ لها.