عيلة بونا يعقوب

بؤساء.. بؤساء..
الثديُ يابسٌ والضرعُ شحيح..
والكرمةُ  تذرّي غلالَها الريح.
أحكي وأحكي.. هم بين سكارى ونيام
..لا يُنصتون..
لا إلى ما تقوله النجمة..
ولا إلى خطّ السحاب في السماء..
ولا إلى همسات مألوه يلقي السلام..
ولا إلى بونا يعقوب
من أجلهم صلّى وصام.
بؤساء.. بؤساء..

قلتُ
هذا هو الداء.. وذاك هو الدواء..
أنتم  أقوياء..
..ولكن بؤساء..
إزرعوا في أرض ضيعتي تينة.
وزيتونة..
إزرعوا فيها عيلة تمحو العفونة..
تشهدُ للحقّ. جذورُها تعدو في ألفِ نهر
وفي ألفِ صخر..
وغصنُها يغمرُ ألفَ شمسٍ في ألفِ فضاء.
إزرعوا فيها عيلة
تغفو، تحتَ سماءِ الأناجيل
وتصحو، تحتَ أناجيلِ السماء..

قلتُ
أصغوا، أنا لست من الغرباء
ولستُ من الحمقى، ولا من السفهاء
أنا أعرفُ ما تقول اليمامةُ عندما تبيضُ على جرس الكنيسة
وأعرفُ ما تقول الياسمينةُ عندما تستقبلُ ضيوفَ المساء.
أصغوا. ضيعتي بائسة…
تخزّن خيباتِها في الخوابي العتيقة
وأحلامُها تخبّئها في خزائن النساء
موتاها من أجل لا شيءَ ماتوا.. وتأخذنا رغبةٌ في البكاء.
..وأنا، وحدي..
لكنّي أبقى من هنا. أنا لستُ من الغرباء..
وفي القلب شيءٌ من وفاء.

فلنكن صالحين.. طيّبين!
فتّحي يا صغيرتي شبابيكَ أحلامِك
فتّحيها لصغار الحساسين..
للفراشاتِ.. للسنونو..
للذكرياتِ.. للحنين..
لتلويحةِ المناديل ..
فتّحيها للتّراتيل..
لعطرِ الأناجيل..
لرؤساءِ الملائكةِ فتّحيها..
لصلاةِ الفجرِ وصلاة ِالظهِر والعصرِ والمساء.

هناك في ضيعتي تغتمُّ الأمّهات
الثديُ يابسٌ والضرعُ شحيح..
العينُ جافّةٌ ولا دمعةَ تروي الجفون..
الكلّ مشغولٌ بحشوِ البطون.
ضيعتي عصفورةٌ غافلة..
شاردةٌ في دربٍ حزين..
..على العكّاز تحبو، في رداء التعساء..
لا معين.
اغرُسوا
في أرضِها شتلة
تثمرُ ليعقوبَ عيلة
تنمو
ننمو
وذات مساء
نغفو تحت سماءِ الأناجيلِ
ونصحو تحت أناجيلِ السماء.