أكتبُ قارئاً الحقيقة.

قناعتي باتت راسخة: حقيقة واحدة لا ثانية لها. لمّا جاء السيّد إلى هذه الأرض قالها. ومذ غادرها صار يستكتب أشخاصا يعيدون صياغتَها بقوالبَ مختلفة وحلل جديدة .

انا، قارئا، أقرأ لأتكوّن. أبحث دوما عن طعم الحياة في ثمار أنضجها مَن سبقني إلى الحقيقة. الحقيقة ثابتة لا تتغيّر. وإن حصل أنّ نفسي عبقت بعبير زهور الخير والجمال، أراني غير قادر على  مقاومة المخاض. هنا لا بدّ لي من أن أنجب. أكتب.

أنا، قارئا العظام أحسّ بأنّي مولودٌ ممن سبقني ووارثٌ للحقيقة ولفرح الإرث منهم. والوارثُ الأمين وجب عليه أن يورّث. هنا لا أقوى على مقاومة الرغبة بنقل الحقيقة، فأصيركاتبا ويتكوّن فيّ فرح التوريث.

أنا، قارئا، أعرف نفسي مولودا ممن كانوا عظاما وسبقوني الى الحقيقة. أجيء منهم على الدوام . أنا التلميذُ الأبديّ، أصير كاتبا، وأبقى عارفا نفسي مولودا ممّن سبقوني، إذ لا أدّعي ابتكارَ ما أقول. أنا واعٍ لكوني قد أنجحُ في الإبداع بالأسلوب، وقد لا أنجحُ، ولكن الإبداعَ الحقّ هو من المبدع الأوحد الذي أبدع بالكلمة الذي كان من الأزل.