في عُرف كثرة من الناس، وفي عُرف بعض رجال الدين أيضا، أنّ المسيحيّ هو مَن تعمّد بالماء على يد كاهن مُخوّل أن يمارس هذا الطقس. ولكن ماذا عن حقيقة معموديّة الروح؟
” اجاب يوحنا الجميع قائلا انا اعمدكم بماء و لكن ياتي بعدي مَن كان قبلي، والذي لست اهلا ان احل سيور حذائه، هو سيعمدكم بالروح القدس و نار” … إنجيل لوقا 3 : 16
كل ما هو خير أو حقّ أو جمال إنّما هو عائد إلى المسيح لأنّه منه. لا حقّ أو خير أو جمال خارجه.
بهذا المعنى لا يكون المسيح محصورا في نطاق ما يُسمّى الكنيسة المرئيّة، بل يتعدّاها إلى اللامرئيّة.
بهذا المعنى أيضا لا يكون المسيح مُلكا للمسيحيين وحكرا عليهم.
بهذا المعنى أنت مسيحيّ وقد تكون على غير علم بذلك. بل أكثر من هذا أيضا: أنت مسيحيّ وقد تكون على رفض صارم لهذا التوصيف ولهذا الإنتماء.
مَن تعمّد بالماء لا تكون معموديّته سوى حمّام ماء إن هو لم يسلك بحسب الروح، أو رفض رفقة الروح الإلهيّ وعشرته ، لأنّ الروح القدس لا يمكث فيه، وتبطُل فيه معموديّة الماء في هذه الحالة، لانّه يكون قد سقط.
من لم يتعمّد بالماء ولكن بالروح، تكون معموديّته مستحقّة ،إن هو سلك بحسب قوانين الحقّ والخير والجمال، وهوبهذه الحالة لا يسقط. وهو بقناعتي مسيحيّ شاء ذلك أم أبى.
بهذا المنظور تنتفي كلّ محدوديّة عن الكنيسة، ولا تكون المرئيّة الا رسما وهيئة ومثالا للكنيسة اللامرئيّة العاملة في العالم والتي هي ليست منه.
وقد تقول صديقي: لكن ما معموديّة الروح، وكيف السبيل إليها؟
قناعتي وجزمي : إنّها ببساطة طاعة المسيح.
قد لا تكون على دين المسيح ولكنك تطيعه. قد تطيعه من حيث لا تدري ولا تقصد، فانت بهذه الحالة معمّدً بالروح ومسيحيّ من حيث لا يريد وعيُك ذلك.
لا أكره، ولا أخاصم، ولا أحتقر، بل أحبّ مَن ليس على المسيحيّة. لربما يكون ذاك قد تعمّد بالروح وصار مسيحيا على غير علم منه ومني.