أدهشني قول السيدة العذراء – وقد صادفتُ هذا القول في رؤى ماريا فالتورتا – : ” أنا أمّ أبناء ابني “. وفي موضع آخر: ” أنا أمّ نسل ابني “.
أدهشني هذا الكلام الكبير وانطلقت في بحث عن أبعاده اللاهوتية، فإذا بي أمام ما يفتح الذهن على حقائق لا يفوقها فكرفي روعتها.
كلّ شيء يحيا ويوجد في المسيح شرط أن يكون في هذا الشيء حق أو خير أو جمال. بهذا المعنى يمكن فهم كون المسيح مخلّصا للعالم. إنّ محاولة فسخ أيّ شيء يتضمّن حقيقة أو جمالا عن المسيح يعني وضعه في الشرير، وفسخه عن مصدر الحياة، أي قتله.
في كينونتك شيء من جمال وحقيقة؟ أنت إذن في المسيح. قد تدرك ذلك، وقد لا تدرك. إنّما بالتأكيد هو يدرك. وحسبك هذا بالطبع، لأنّه يكفيك.
أقول المسيح، ولا أقول يسوع، لأنني أفقه الفارق. ذاك هو اللاهوت، وهذا هو الناسوت. ذاك هو الكلمة. الكائن في البَدء، والذي كان عند الله، والذي كان الله. هذا هو المولود، غير المخلوق، اللابس جسدا، ليخلّص العالم، ويعطي الحياة لكل مَن آمن به وطلبها منه.
تابعُ المسيحِ في قناعتي يحيا به.. ويحيا فيه.
يحيا به لأنه هو من يقودنا الى حياةٍ ما كان لنا عهدٌ بها – أي يقودنا إليه لأنّه هو الحياة – إذ نتلقى نعمة الإيمان.
يحيا فيه لأنّه هو من يحوي كلّ خير وكلّ حقّ وكلّ جمال، ومن أقبل إليه رأى وجهه وأدرك معناه. أليس هو القائل: ” أنا الطريق والحق والحياة” ؟
المسيح خلّصني من عثرة آدم وحواء. لا جدال في هذا، ولكن جوهرالخلاص لا ينتهي عند إدراكي لهذه الحقيقة. جوهر الخلاص في إدراكي أن المسيح بات فيّ – وهذا بدأ بعد انشقاق حجاب الهيكل عند نطق يسوع لكلمته الأخيرة – وأنّي أنا بتّ فيه، لأنّه إذ يأتي إليّ إنّما ليأخذني إليه.
فأكونَ ابنا له، من صلبه، ومن نسله..!