المسيحيّون العائدون الى قرى الشوف ومدنه، المقيمون فيها، المتصالحون مع أنفسهم ومع جيرانهم الموحّدين الدروز. أناديهم من عمق وجداني. من خوفي. من غضبي …
أنتم أصحاب الأرض. أنتم أَولى بالقرار.
أنادي أولاد العائلات المحترمة. ورثة البيوت الكريمة. أصحاب الخبرة بما نتج عن النكبات، والمعرفة بثمارالمغامرات.
أنادي مربّي الأجيال، المتقاعدين والعاملين. أصحاب القامات الفكريّة والسياسيّة والعلميّة.
أنادي السادة الكهنة المؤتَمنين من السماء على نشر ثقافة السلام، وإضاءة مشعل المحبة، وفتح سبل التلاقي والتفاهم والتآلف والتآخي..
أنادي الأمّهات اللواتي فقدن إبنا أو بنتا، في حرب عبثيّة خاضها سادة الفشل، وخبراء الأوهام، وورثة جينات التعصّب والتزمّت والتحزّب والغرور.
وأنادي معهم كلّ السيّدات المثقّفات والسادة المثقفين على مساحة الجبل. الغيارى على الحق والخير من كتّاب كبار وصغار. من صحافيّين وأطباء ومهندسين وأساتذة جامعات ومعلّمين .. وقبل كلّ هؤلاء أصرخ الى الطلّاب المهدَّدين باستعباد أمراء الكراهيّة لهم، واستيلائهم على أحلامهم وطاقاتهم وعقولهم..
أناديهم وأقول: إغضبوا.
هلمّوا نغضب سويا على مَن تبقّى من الواهمين القدامى الذين ورّطوا المقيمين السذّج بالكوارث. على الغوغائيّين الجاهلين المسطِّحين لنتائج مسار الأحداث والمستهينين بمخاطرها.
نغضبُ على المجازفين الذين غامروا بما لم يزرعوا وقامروا بما لم يحصدوا، فما جنَوا إلّا الهزائم .
نغضبُ على الوافدين إلينا محرّضين، وما كان جناهم يوما إلّا الفشل والدمار والدماء.
نغضبُ على الشغوفين بالعنف، والمجبولين بثقافة الثأر والإنتقام والحقد والدمار.
هلمّوا اغضبوا يا سادة، وخذوا بصدوركم جهلَهم وغباءَهم ومكرَهم ودنسَهم الذي يرتكبونه بإسم السياسة .
إغضبوا، وعمّقوا علاقات الودّ والتفاهم والشراكة مع جيرانكم الموحدين الدروز، وهم للثقة أهل.
عمّقوا العلاقات، ولا تخلطوا المشاعر الشخصيّة الموروثة بالقضايا الكبرى ومصير الوطن.
عمّقوا العلاقات، وارفعوا بنيان الشراكة، وأسّسوا الجهاد على العقل الموصول بصفاء السريرة ونقاء الضمير، وعلى الكلمة المعبّرة عن وحدة الهدف لساناً وقلباً وروحاً.
عمّقوا العلاقات، ولا تخشَوا الإتهامات. إتهامات الخيانة لمسيحيّتكم، والتنكر لمسيحكم، والعمالة للدروز. هي جاهزة كالعادة.
نحن لم نخشَ مَن قذفنا بها في السنوات السود…
وأنتم لا تخشَوهم اليوم، لأنّ طابخَ السمّ جبان…
يوم اشتدّت أزمات الجبل في سبعينات القرن الماضي، أطلق علينا، تحبّبا، بعضٌ من أحبتنا دروز كفرنبرخ نعتا، كان لنا يومها مدعاة فخر.. ولا يزال..
دروز معاصر بتدين.. قالوا.
نعم. نحن دروز معاصر بتدين. إذا كان ذلك يؤسّس لسلام ويبني محبة.
إغضبوا يا سادة.. قبل فوات الأوان.