نحن جميعا.. من نكون بالنسبة ليسوع؟

بطرس يشير بيده طالباً التزام الصمت. ينظر، ثمّ يهمهم: «إنّها تلك المرأة، لقد شَرِبَت من ماء البئر وأَخَذَت حزمة حطب باقية في الدار. إنّها مبللة. حتماً هي لا تشعر بالدفء… تمضي… سوف أتبعها. أريد أن أرى…» يخرج دون صوت.
«ولكن أين يمكن أن تقيم، حتّى تظل قريبة دائماً من هنا؟» يسأل توما.
«وتظلّ هنا في مثل هذا الطقس!» يقول متّى.
«إنّها حتماً تذهب إلى البلدة، لأنّها كانت تشتري الخبز أوّل أمس.» يقول برتلماوس.
«إنّها تتمتّع بجَلَد عظيم كي تبقى هكذا محجّبة!» يقول يعقوب بن حلفا.
«أو لديها دافع جادّ.» يشير توما.

يبقى يسوع صامتاً كما لو أنَّه لا يسمع. ينظر الجميع إليه، إنّهم على يقين بأنّه يَعلَم. إنّما هو، فيُعمِل السكّين في قطعة خشب ليّن، لتتحوّل بين يديه رويداً رويداً إلى شوكة تصلح لإخراج الخضار من الماء المغليّ. وعندما ينتهي منها يعطيها لتوما الذي تَفَرَّغ تماماً لأعمال الطهي.
«حقّاً إنّكَ بارع يا معلّم. ولكن… هل تقول لنا مَن تكون تلك؟»

«إنّها نَفس. فبالنسبة إليّ، جميعكم نفوس، ولا شيء آخر. رجال ونساء، عَجَزَة وأطفال: نفوس، نفوس، نفوس. الرضّع هم نفوس طاهرة، والأطفال نفوس سماويّة، والشباب نفوس ورديّة، أمّا الأبرار فنفوس مِن ذَهَب، والخَطَأة نفوس من قطران، إنّما مجرّد نفوس، ولا شيء آخر غير النفوس. وأنا أبتسم للنفوس الطاهرة، لأنّه يبدو لي أنّني أبتسم لملائكة. أستريح بين الأزهار، المراهقين الصالحين؛ أجد سروري في نفوس الأبرار الثمينة؛ وأتألّم وأعاني كي أجعل من نفوس الخطأة نفوساً ثمينة ومشعّة. أمّا الوجوه؟… الأجساد؟… فهي لا تعني لي شيئاً. فمن خلال نفوسكم أعرفكم وأتعرّف عليكم.»

أنشودة الانسان الإله =
الجزء الثاني – الفصل 91.