يسوع يتحدث عن الشيطان.

الشيطان يَظهَر دائماً بشكل مُؤنَّس وبمظهر عاديّ. وإذا كانت النفوس متنبّهة وبالأخصّ على صلة روحيّة بالله، فإنّها تأخذ حذرها من هذه الملاحظة التي تجعلها متحسّبة وحاضرة البديهة لمحاربة مكائد الشيطان. إنّما إذا كانت النفوس غير متنبّهة لله، منفصلة عنه بالميول الجسديّة التي تجتاحها والتي تجعلها صمّاء غير مستفيدة من عون الصـلاة التي توحّدهـا بالله وتنقـل قوّتـه كما عَـبر قنـاة إلى قـلب الإنسان، فلا تعود حينئذ تميّز الفخ المسـتتر تحت مظهر الـمُسـالِم إلّا بصعوبـة وتقع فيـه. ويكون التحـرّر منـه فيما بعد صعباً جدّاً.

الطريقتان اللتان يسلكهما عادة الشيطان للوصول إلى النفوس هما إغراء الجسد والشراهة. إنّه يبدأ دائماً بالناحية الماديّة للطبيعة. وبعد تقويضها وإخضاعها يوجّه هجومه إلى الجزء الأسمى.

أوّلاً الناحية الأخلاقيّة: الفكر بكبريائه وشهواته؛ ثمّ الروح، بأن ينزع منها ليس فقط الحبّ، إنّما خوف الله كذلك. فلا وجود بعد للحبّ الإلهيّ إذا ما استَبدَلَه الإنسان بأنواع أخرى من الحبّ البشريّ. وحينئذ فقط يستسلم الإنسان جسداً ونفساً للشيطان للوصول إلى الملذّات التي يتبعها ليتعلّق بها، وبشكل متزايد، على الدوام.

كيف تصرَّفتُ أنا بمواجهته زمن صومي. لقد رأيتِ ذلك. بصمت وصلاة. صَمْت. فإذا مارَسَ الشيطان محاولة الإغواء، وعمل على مراوغتنا، وَجَبَ تحمّله مِن غير ما نفاذ صبر أحمق ولا مخاوف مُثبِّطة للعزيمة، إنّما بالتصرّف بحزم إزاء وجوده، وبالصلاة إزاء إغواءاته.

لا فائدة مِن الحوار مع الشيطان. سوف يكون النصر له لأنّه الأقوى في الجدال. فما مِن أحد يتغلّب عليه غير الله. وحينئذ لا بدّ من اللجوء إلى الله الذي يتكلّم فينا وعَبرَنا، وإظهار هذا الاسم وهذه الإشارة للشيطان، ليس بشكل مكتوب على الورق أو محفور على الخشب، إنّما بشكل مكتوب ومحفور في القلوب. اسمي وإشارتي. والإجابة على الشيطان تكون فقط عندما يلمِّح بأنّه مثل الله وذلك باستعمال كلام الله. فهو لا يحتمله.

ثمّ بعد المعركة، يأتي ال نصر، والملائكة يخدمون الـمُنتَصِر منكم ويحمونه من حقد الشيطان. يؤاسونه بندى سماويّ، بالنعمة التي يسكبونها ملء أيديهم في قلب الابن الأمينمع بركة هي ملاطفة للنفس.

يجب امتلاك الإرادة في الانتصار على الشيطان، والإيمان بالله وبعونه، والإيمان بقدرة الصلاة وصلاح الربّ. حينئذ لا يستطيع الشيطان أن يُلحِق بنا شرّاً.

انشودة الانسان الاله/ فالتورتا /ج 2 ف 6.