بين أقراني لم أشبهْ إلّا نفسي. إنحدرتُ من سلالة العصافير.. أو لعلّ لعروقي امتدادا في شرايين الشجر!.
أحبّ الأشجارَ ولكنّ غرامي للعصافير.. شهوتي لغمامةٍ أدفأ بها.. ونسافرُ في ضوء القمر..
يقولُ ابني إني أحببتُه
وعلّمتُه كيف يحبّ..
وأدّبتُه.
يقولُ إني لم أغضبْ عليه ولم أضربْ يديه.
يقولُ إنه يحبّ أن يكونَ لي ابناً وأن أكونَ أباه.
يقولُ إني غَفورٌ وفي عينيّ بحورٌ..
يقولُ ابني ما أقول: إني من عُصارة العصور..
ومن سلالةِ الطيور..
أطربتني كلماتُ إبني
حرّكت وَجدي وهزّتني
أقولُ لإبني: لقد أرهقني البقاء..
أبكتني الذكريات..
أبكتني المعاني والسطور..
لا معاركَ في وجودي.. لا انتصار..
في وجودي أشقاني الشقاء..
وأدماني نابُ الرياء.
أقولُ له ألّا يرثَ دموعي..
أن يرحمَ الوردَ لو اشتهى شَمّه..
ويرأفَ بالفجر لو بغى ضَمّه..
أوصيهِ أن يدلّلَ وريقاتي..
ويرعى كليماتي..
ويزرعَ على قبري نسيماتي..
وأن يُبحرَ.. على نور شموعي.
أقولُ وقد أرهقني البقاء
أريدُ أن أمشي وأمشي.. ما أشاء..
أبحثُ عن نجمتي الضائعة في قرص السماء
وأراودُ ما حَييتُ حورَ المساء
أسائلُها.. عن نفسِها..
وعن معنى الحياء
وعن جدوى الحياة
إن ضاعَ منها الوفاء..