في زمن الميلاد !

[arabic-font]

صديقي، وهو على غير المسيحيّة، قرأ ما كتبتُ بالأمس القريب. قال:
يُروى أنّ المغارةَ أوَتْ إلى جانب الثور حمارا.
قلتُ مداعباً: هذا صحيح، إحرَصْ على ألّا تبقاه…
قال معاتباً: أتعني إنّيه الآن..؟
قلت مسترضياً: كلّنا في وقتٍ ما كنّاه، ألمُهمّ أنْ نلتفتَ إلى ما في المذود..! خبزُ الحياة النازل من السماء..!


نسمعُ الكثيرَ من الإكرام للسيّد المسيح. يطيبُ لنا أنْ ننسبَه إلى داود النبيّ. أعتقد أنّه ليس بسيطاً أن نعرفَ أنّ اثنتين من جدّاته  – “ثامار” و”راحاب” –  تعاطيتا البغاء، وأنّ جدّة داود القريبة “راعوث” كانت وثنيّة.
لاشكّ بأنّ للربّ مقاصد تعليميّة كبرى من هذا النسب.


كتبتُ عن الثورِ المنشغلِ  بمِعْلَفِه عن الطفلِ وأمِّه.
أحبُّ أن أعودَ بذاكرتي دوماً إلى اللحظة التي انشغلتُ فيها عن مِعْلَفي بالمِذود الذي هو بجانبي.
حدث هذا إذ انتبهتُ إلى ما يجري حولي. يومَها أدركتُ أنّ الفخرَ بثقافةٍ عميقةٍ، وعلمٍ غزيرٍ هو مِعْلَفي الذي أعلّقه في رقبتي، وأحمله معي حيثما ارتحلت.
كذلك هو الزهوُ بتسريحةِ شعرٍ، وجمالِ ثوبٍ، وامتشاقِ جسدٍ. هو أيضا البهوُ بدورٍ قياديّ في سياسةٍ، أو اجتماع. كذلك هو العزّ بمالٍ وفيرٍ، أو مُلكٍ كبير.
المِعْلَفُ المجاورُ في المغارة صار اسمُه مِذودا. فيه الخبزُ النازلُ من السماء. لقيتُ فيه لقمتي. علّقتُه في رقبتي.


الملاكُ تراءى للرعاةِ النقاةِ، وبشّرهم بولادة المسيح الربّ.
هذا معلومٌ كخبرٍ مطويٍّ على ما فيه من دسم.  في التفصيل: إنّ الملاكَ ظهر لأصغر الرعاة، وكان اسمُه ” ليفي”، فدعا الصغيرُ رفاقَه الذين رأَوا الأنوارَ وسمعوا الترانيم.
السرّ: المِعْلَفُ المربوطُ في عُنُق ” ليفي” الصغيرِ كان لا يزال جنينيا.
قشرةٌ رقيقةٌ في طورِ النموِّ الأوّلِ يَسهُلُ على الملاك كسرُها، أو اختراقُها..!


القديس أغسطينوس هو عندي أبرز من انتبه إلى أنّ الخبز الحيّ موجودٌ في المِذود المجاور لمِعلَفه.
ترك ما كان يملأ جوفه به من موبقات، وأقبل على جسد الربّ.
لم نلحظْ أنّ معجزة تكثير الخبز تكرّرت معه.
ما كتبه في مدينة الله برهانٌ لا يُرَدّ..!
شبع أغسطينوس، وأشبع.
إقرأ “مدينة الله”.


هؤلاء الكهنةُ المتجمّعون قرب المذبح قبيل البدء بالقدّاس الإلهيّ. كلّ هذا الحشد من المُرنّماتِ والمُرنّمين، والمُطرباتِ والمُطربين. أتُراهم جميعاً، استبدلوا معالفَهم بمذاودَ، وأدركوا ما هم فاعلون؟ أشكّ في أنْ تكونَ أمنيةُ الربّ هذه قد تحقّقت..!
أستذكرُ كلاما رؤيوياً من سفر عاموس في العهد القديم:
الربّ يتكلم: “لأنّي علمتُ أن ذنوبَكم كثيرةً، وخطاياكم وافرةً أيها المضايقون البارَّ ، الآخذون الرشوةَ، الصادّون البائسين في الباب. كرهتُ أعيادَكم، ولستُ أستلذّ باعتكافاتِكم. أَبعِدْ عنّي ضجيجَ أغانيك، ونغمةَ ربابِكَ لا أسمع. هكذا تكلّم السيّدُ الربّ”.
أعيادُنا نحن، موائدُنا ومعالفُنا..! هل تستلذّ بها يا ربّ ؟

 


[/arabic-font]