[arabic-font]
يسوع يتحدث الى فالتورتا عن عمق بتوليّة أمّه..!
تعالي تأملي أعماق هذه البتولية، التي تجعل التأمل فيها يُحدِث دوار الهوة التي لا قرار لها!
ماذا تكون بتولية امرأة أُرغِمَت عليها لأنّ رجلاً لم يتزوجها؟ أقلّ من لا شيء.
ماذا تكون بتوليّة من أرادت أن تكون عذراء لتكون لله ولكنّها لا تعرف أن تكون كذلك إلّا بالجسد وليس بالروح، حيث إنّها تترك مجالاً لأفكار كثيرة غريبة تتسرّب إليها، كما تداعب وتتقبّل مداعبة الأفكار البشريّة؟ إنّها بداية كونها يرقة بتوليّة، ولكنّ ذلك ما يزال قليلاً جدّاً.
وماذا تكون بتوليّة حبيسة، ناسكة لا تحيى إلا من الله؟ الكثير… ولكنّها لم تصل أبداً إلى البتوليّة الكاملة إذا ما قورنت ببتوليّة أمّي.
تواطؤ لا شعوريّ موجود دائماً حتّى لدى أكثر الناس قداسة: إنّه متأصّل في الروح مع الخطيئة، وهو الذي تعمل المعموديّة على التحرير منه، إنّها تحرّرنا منه، ولكن لدى العذراء، لا أثر للتواطؤ مع الخطيئة. وتبدو نفسها جميلة ونقيّة كما كانت في فكر الله، جامعة في ذاتها كلّ النِّعَم.
هذه هي العذراء الوحيدة، الكاملة، المكتملة: كما وردَت في فكر الله وكما حُبِل بها، كذلك ستبقى أبداً. هكذا كُلِّلت وستبقى مُكلَّلة للأبد. إنّها العذراء، عمق عدم المساس والطهارة والنعمة، التي تتلاشى في هذا العمق الذي انبثقَت منه في الله، عدم مساس وطهارة ونعمة مطلقة.
هذا هو انتقام الله الثالوث والواحد.
بخلاف كلّ المخلوقات المُمتهَنة، أقام نجمة الكمال هذه في مقابل الفضول الفاسد، هذه الرزينة التي لا يشفي غليلها سوى حبّ الله، في مقابل علوم الشرّ. وكما أنّ الأرملة المنفصلة عن زوجها بموته لا تكون في بتوليّة كاملة، كذلك المعموديّة لا تُعيد للبشر البتوليّة الكاملة التي كانت للأبوين الأوّلين قبل الخطيئة. ندبة دائمة مؤلمة لا تُنسى، وهي دوماً في وضع قابل لإعادة الجرح، مثلها في ذلك مثل أمراض كثيرة في ظروف معيّنة تعود الفيروسات فيها فاعلة نشيطة؛ هذه الجاهلة السامية، فهي لا تجهل الحبّ المنحطّ فقط، ولا الحبّ الذي وهبه الله للزوجين الآدميّين فقط، بل أكثر أيضاً. إنّها تجهل الحرارة المؤذية، إرث الخطيئة. ليس لديها سوى الحكمة المجمّدة والمتوهّجة معاً للحبّ الإلهيّ. النار التي تجمّد الجسد لتجعل منه مرآة كاملة للهيكل الذي يتزوّج فيه الله عذراء ولا يتنازل أبداً، لأنّ كماله يُغلِّف التي هي، كما يليق بعروسة أقلّ بدرجة فقط من العروس، خاضعة لـه كامرأة، ولكنّها شبيهة به بدون عيب.»
أنشودة الإنسان الإله. فالتورتا / ج 1 ف 8
[/arabic-font]