مريم تتحدث عن الكهنة.

[arabic-font]

مريم تقول لفالتورتا:

زكريّا كان كاهناً ويوسف لم يكن كذلك، إنّما انظري كم كان روحه، وهو الذي لم يكن كاهناً، متّجهاً صوب السماء أكثر من الكاهن. زكريا يفكّر بشريّاً، ويُفَسِّر ما كُتِب كذلك بشريّاً، وهذه ليست المرّة الأولى التي يفعلها فيها، إنّه ينقاد كثيراً للحسّ البشريّ الجيّد. لقد عوقب لذلك، ولكنّه عاد فوقع في المطبّ ذاته، حتّى ولو كان أقلّ جسامة. لقد قال بشأن ولادة يوحنّا: “كيف يكون هذا إذا كنتُ أنا طاعناً في السن وزوجتي عاقراً؟” ويقول الآن: “لتمهيد الطريق أمام يسوع يجب أن ينمو هنا في بيت لحم اليهودية”. وعلى هذا الأساس من الكبرياء الذي يظلّ عند الطبقة الراقية، يفكّر أنّه يستطيع هو أن يكون ذا منفعة ليسوع. ليس ذا منفعة كما يريدها يوسف بكونه خادماً لـه، إنّما بكونه معلّمـاً لـه… لقد غَفَرَ الله لـه لِحُسن نيّته، ولكن هل كان “المعلّم” في حاجة إلى معلِّمِين؟

تُنار بصيرة الكاهن عادة من قِبَل الله بشكل دائم. قلتُ “عادة” لأنّ ذلك يكون حينما يكون كاهناً حقيقيّاً. فليس الثوب هو الذي يجعل شخصيّته مقدّسة، بل النَّفس. للحكم على كاهن أنّه كاهن حقيقيّ، يجب الحكم على ما يخرج من نفسه. فكما قال يسوعي: من النَّفس تخرج الأشياء التي تُقدِّس أو التي تُفسِد: التي تُظهِر بالكامل طريقة تصرّف شخص. لذا فحين يكون أحدهم كاهناً حقيقيّاً فإنه يكون مُلهَماً دائماً من الله. بينما الآخرون الذين هم غير ذلك فيجب أن نحمل لهم محبّة فائقة الطبيعة وأن نصلّي لأجلهم.

الويل -وقد قالها يسوع- الويل للكهنة الذين يفقدون الشعلة الرسوليّة! والويل لمن يظنّ نفسه ذا سلطة على احتقارهم! ففعليّاً هم الذين يقدِّسون ويوزِّعون الخبز الحقيقيّ النازل من السماء. وهذا الاحتكاك يجعلهم قدّيسين، مثل كأس مقدّسة، حتّى ولو لم تكن شخصيّتهم كذلك. إّنهم يستجيبون لله في ذلك. أمّا أنتم فلا تنظروا إلّا إلى مقامهم ولا تهتمّوا بالباقي. لا تكونوا أكثر تشدّداً من ربّكم يسوع، الذي يترك السماء بأمر منهم وينزل ليرفَع بأيديهم. تعلّموا منه، وإذا كانوا عمياناً، إذا كانوا صُمّاً، إذا كانت نفوسهم مشلولة، وأفكارهم مريضة، وإذا كانوا مصابين بجذام الأخطاء التي تتنافى ورسالتهم، وإذا كانوا لعازر في القبر، فاطلبوا يسوع ليشفيهم ويردّ لهم الحياة.

اطلبيه بصلاتكِ وألمكِ أيّتها النفوس الضحيّة. فإنّ إنقاذ نفس يعني تهيئة مكان للذات في السماء سلفاً. إنّما إنقاذ نفس كهنوتيّة يعني إنقاذ عدد كبير من النفوس، لأنّ كلّ كاهن قدّيس هو كالشبكة التي تجتذِب النفوس إلى الله. وإنقاذ كاهن يعني تقديسه، تقديسه من جديد يعني جعله شبَكَة روحانيّة. وكلّ غنيمة له تضيف إلى إكليلكم الأبديّ بريق نور جديد.

فالتورتا . انشودة الانسان الاله.. 1 / 52.

[/arabic-font]