[arabic-font]
يسوع يشرح ل ” فالتورتا ” عن العلاقة بين الرجل والمرأة، وكيف أرادها الله ان تكون… وكيف شوّهها إبليس…الله، الأب الخالق، خَلَق الرجل والمرأة بشريعة حبّ كاملة لدرجة لا يمكنكم معها بأيّ شكل إدراك مدى كمالها. وسيضلّ بكم التفكير إذا ما حاولتم معرفة وضع الجنس البشريّ لو لم يخضع الإنسان لتوجيهات الشيطان.
تأمّلي النباتات بثمّارها وبذورها. هل تقوم بالزراعة والحصول على الثمّار نتيجة فسق أو بفعل تلقيح من مائة جماع؟
أبداً. بل يَخرُج غبار الطلع من الزهرة الذكر، وبتوجيه من مجموعة قوانين نيزكية ومغناطيسية يتّجه صوب مبيض الزهرة الأنثى التي تتفتح، تستقبله وتُنتِج. إنّها لا تقبل النجاسة لترفضها فيما بعد كما تفعلون أنتم لتعودوا فتختبرون الإحساس ذاته في اليوم التالي، فهي إذ تُنتِج لا تعود تُزهِر حتّى الموسم التالي، وإن أزهرت فذلك بغرض التوالد.
تأمّلي الحيوانات، كلّ الحيوانات. هل رأيت قَطّ ذكراً وأنثى يتّجه الواحد صوب الآخر بهدف عناق عقيم وعلاقة نجسة؟
أبداً. لا من قريب ولا من بعيد، بالطيران كان أو بالزحف، بالقفز أو بالجري؛ بل إنّها تُنجِز طقوس الإلقاح دون تملّص منها بالوقوف عند حدود اللذّة، ولكنّها تنجزها حتّى النهاية الجادّة والمقدّسة لاستمرار الجنس، وهو الهدف الوحيد منها.
أمّا الإنسان، شبه الإله بطبيعته الإلهيّة بالنعمة التي وَهَبتُها لـه كاملة، فقد كان من المفروض أن يَقبَل فقط لنفس الهدف الفعل الحيوانيّ الذي يفرض نفسه منذ هبطتم درجة في التصنيف الحيوانيّ.
إنّكم لا تتصرّفون مثل النباتات والحيوانات، لقد اتّخذتُم إبليس كمعلّم، وأردتموه معلّماً، وما زلتم تريدونه كذلك. والأفعال التي تقومون بها تليق بذاك المعلّم الذي أردتموه. بينما لو كنتم مُخلِصين لله، لكنتم نلتم مسرّة الحصول على الأطفال بشكل قدسيّ بدون ألم، دون أن تستسلموا لعلاقات فاحشة ومخزية، علاقات تجهلها الحيوانات ذاتها، الحيوانات التي لا تتمتع بنفس عاقلة وروحانيّة.
أراد الله أن يقابل الرجل والمرأة اللذين أفسدهما الشيطان، بالإنسان المولود من امرأة رَفَعَها الله بشكل فائق، لدرجة الحَبَل والولادة دون أن تعرف رَجُلاً، زهرة تلد زهرة دونما حاجة إلى تلقيح ماديّ، ولكنّها تصبح أُمّاً بفعل قبلة وحيدة من الشمس على كأس الزنبقة مريم الذي لم يُمَسّ.
انتقام الله!
انفث حقدكَ أيّها الشيطان بينما هي تُولَد. لقد غَلَبَتكَ هذه الطفلة الصغيرة! قبل أن تجعل من نفسكَ مُتمرّداً ومُراوغاً ومُفسِداً، كنتَ المقهور وهي المنتصرة.
باطلة هي محاولاتكَ إفساد الذين خُلِقوا في حالة البراءة، بحملهم على القران والحبل من خلال حيل فاسقة، مانعاً الله من أن يمنح خليقته المحبوبة أولاداً حسب قواعد، لو تمّ احترامها، لصانت في الأرض توازناً بين الجنس والنسل قادراً أن يمنع الحروب بين الأمم والشقاء في العائلات.
في الطاعة يعرفون الحبّ بالطبع، ويحصلون عليه، في الامتلاك الكامل والهادئ لهذا الانبثاق من الله الذي نزل من فائق الطبيعة ليَختَبِر به الجسد أيضاً فرحاً مقدساً، وهو المتحد بالروح، وقد خَلَقَهُ من خَلَقَ الروح ذاته.
والآن، أيّها البشر، ما طبيعة حبّكم، بل ما طبيعة مجموع أنواع الحبّ عندكم؟
إنّه، مهما كان النوع الذي ينتمي إليه، إمّا فسق يأخذ شكل حبّ وإمّا خوف غير قابل للشفاء من فقدان حبّ القرين بسبب فسقه والآخرين. لم تعودوا متأكّدين من امتلاك قلب الزوج أو الزوجة أبداً، منذ أن اجتاح الفسق العالم. وترتجفون وتبكون وتصبحون مجانين بسبب الغيرة، بل قَتَلَة أحياناً بالانتقام، بسبب خيانة، وفي حالات أخرى يائسين ومصابين بفقدان الإرادة والخبل.
هذا ما فعلتَهُ أيّها الشيطان بأبناء الله. أولئك الذين خَدَعتَهم وكانوا سيعرفون فرح الحصول على أبناء بدون ألم، والذين كانوا سيختبرون فرح أنهم وُلِدوا دون الخوف من الموت. أمّا الآن فقد هزمتكَ امرأة، بل المرأة التي سيعود منذ الساعة كلّ من يحبها ليصبح من الله، وينتصر على التجارب ليستطيع المحافظة على طهارته دون عيب. أمّا النساء فسيحصلن على تشجيعها، وستصبح هي منذ الآن فصاعداً للأزواج دليلاً وللأموات أُمّاً. وبفضلها سيصبح لذيذاً الموت على هذا الصدر الذي يحميهم منكَ أيّها الملعون، ويدافع عنهم عند صدور أحكام الله.
ماريا فالتورتا، يا صوت الله الهامس، لقد رأيتِ ولادة ابن العذراء وولادة أمّه في السماء. لقد عاينتِ إذاً أنّ لا وجود لآلام الولادة والموت خارج الخطيئة. ولكن إذا كان كمال المواهب الإلهيّة قد صان الفائقة البراءة أمّ الله، فقد كان سيمنح كلّ المتحدّرين من الأبوين الأوّلين، لو كانا بقيا بريئين وابني الله، نعمة التوالد دون ألم -كما كان مفترضاً لمعرفتهم التزاوج والحبل بلا فسق- والموت دون قلق.
ثأر الله السامي من انتقام إبليس كان في حَمل كمال الخليقة المحبوبة إلى الكمال الفائق الذي، أقلّه في خليقة واحدة، قد أبطَلَ كلّ ذكرى للبشريّة قابلة لأن تعطي دفعاً لسمّ إبليس. وهكذا كان، أن جاء الابن إلى العالم، ليس على أثر علاقة بشريّة عفيفة، بل بعناق إلهيّ غيَّر وجه الروح في نشوة النار.
أنشودة الإنسان الإله. فالتورتا / ج 1 ف 8
[/arabic-font]