“ماريا فالتورتا” رائية أو راوية؟

ما كتبته ماريا فالتورتا أثار جدلا كبيرا، في أوساط المؤمنين بالمسيح، كما بين المهتمّين بالإيمان المسيحيّ دراسة وتحليلا.
قالت: صباح يوم الجمعة الحزينة للعام 1943 سمعتُ صوتا يطلب مني أن أكتب وأصف ما سأراه من رؤى وإملاءات.
كانت ماريا في ذلك الوقت ضحيّة شلل جعلها طريحة الفراش. كتبت خلال أربع سنوات كلّ ما رأته من مشاهد، وسمعته من شروحات على لسان السيّد المسيح وأمّه العذراء مريم. إنّ ال خمسة عشر ألف صفحة التي كتبتها في هذه الفترة الزمنيّة حملت وصفا دقيقا وتفصيليّا لحياة السيّد المسيح وأمّه، منذ ولادتها وإلى ما بعد مرحلة القيامة وبدء مرحلة التبشير.
قرأتُ كلّ ما كتبتْه ماريا فالورتا بقدر كبير من الإهتمام والموضوعيّة، وفي نفسي توقٌ لمعرفة خفايا كنت أجهلها، وحقيقة أبحث عنها.
عرفتُ لحظات تشكّك كثيرة تجاه ما قالته الكاتبة الرائية. مررتُ في أوقات رأيت فيها ماريا فالتورتا مجرد كاتبة، ألّفت رواية تخيّلتْ أحداثها، وتركتْ لخيالها مجالا واسعا لتفصيل أحداث وردت في الأناجيل الأربعة مختصرة. لحظات التشكّك هذه لم تكن هي الوحيدة التي ملكت نفسي وأسرت عقلي.  عرفتُ أيضا أوقاتا ملكتني فيها ثقةٌ غريبة، بكون ما أقرأه، ليس مجرد خيال، بل هو حقيقة ناصعة لا مجال للشكّ فيها.
أعدتُ قراءة ما كُتب، على ضخامة المؤلَّف، وبتأنٍّ وتؤدة أكثر. كانت قراءتي الثانية لأجزاء الكتاب هذه بالغة التأثير في نفسي، بحيث أني ما شككتُ خلالها، بكوني واقعا أمام الشخصيّات الحقيقيّة التي عاشت على الأرض منذ ما يزيد على الألفي عام. نعم، إنّه هو. إنّها أمّه.. لا مجال للشكّ إطلاقا. جاء إلى الأرض ليقول لنا: أنا هو، ثم عاد ليذكّرنا بعد ألفي عام بنفس الحقيقة: أنا هو. تعرّفوا عليّ كما أنا.

صديقي القارئ. لا تسألني، الآن،  عن سبب قناعتي وخلفيّة ثقتي. أكتفي في العجالة هذه بنقل انطباعي إليك، وأدعوك إلى تمضية ما تيسّر لك من وقت مع ما قد تسمّيه، في البدء، رواية. أقول هذا، ولا أتردّد بالجزم، إنّك لن تتأخّر في اكتساب ما اكتسبتُه أنا من ثقة، وما شعرتُ به من صدق؛ فما تنتهي من قراءاتك حتى تصرّحَ أنت، كما فعلت أنا: سمّ هذا المؤلّف ما شئت، أعطِه العنوان الذي تريد، هذا لن يغيّر حقيقته. إنّه السرد الحقيقيّ والأمين لحياة أناس، عاشوا على هذه الأرض منذ ألفي سنة، بقلمٍ خطّ على ورقٍ، ما رأته عينٌ من رؤى، وما أُوحي به لفكرٍ من إيحاءات..
كتاب ماريا فالتورتا ” أنشودة الإنسان الإله ” أو ” ألإنجيل كما أوحي به إليّ” يجب أنْ يُقرأ.

[/arabic-font]