مسيحٌ لشعوب الأرض

حاججني صديقٌ لي، وهو على الإسلام السّمح، قال:
ما إيمانُكم أنتم النصارى بقول المسيح: ” لا أحدَ يأتي إلى الآب إلا بي “؟ هل يعني أننا، نحن المسلمين، لا حياة روحية نازلة مباشرة علينا من الله؟ أتُنكرُ (أنت النصرانيّ) عليّ (أنا المسلم) هذه النعمة؟
قلت: ومَن أنا لأنكرَ أو أقرَّ نزولَ نعمة عليك؟ ومَن سواي أيضا، ممن يعتدّون بمراكزَ دينيّة وتبحّر بعلم، لينكروا عليك، أوعلى سواك، نعمةَ الذهاب إلى الربّ مباشرة ودون واسطة المسيح؟
أنا نصرانيّ على ليبراليّة إيمانيّة. أرى أن الحبَّ يتقدمُ الإيمان. أقدّمُ قولَ الناصريّ ” مَن أحبّ أبا أو أما أو إبنا أكثر مما أحبني فهو ليس مني “. أقدّمه على كل ما سواه.
محبة المسيح بدايتها أن تقعَ على منبع المياه في صحراء الحياة القاحلة.
نبعُ المياه يقودُك الى التمثل بمفجّره. بساقِيك، وأنت على ظمأ.
إرتواؤك من نبع المياه هذا يزيل من قلبك الجفاف، فتعملَ بأقوال المسيح. حتى ولو لم تكن عارفَه، أو على إيمانٍ به.
حتى لو لم تكن عارفَه، او معترفا به. هو حتما عارفُك. إن شربت من نبع المياه وزال من قلبك الجفاف..
تعمل بأقواله، فأنت إذاً مُحبُّه أكثر مما تحبّ أباً او أماً او إبناً..
إنْ بلغتَ هذه المرتبة فأنت جديرٌ بالمسيرة إلى الله، ولا تبقى دونك أبوابٌ مغلقة.
أنت تعمل بأقوال المسيح دون أن تكون على نصرانيّة. قد تكون على الإسلام، أو الهندوسية، أو البوذية، أو اليهودية، وتكون مرتوياً من نبع المياه الذي لا يجفّ.
بهذا المعنى يصيرُ الدينُ درباً والدربُ حباً، فلا يكون الناصريّ للنصارى وحدهم.
إن كنت على هذا فأنت آتٍ الى الله برفقة المسيح، ولو لم تكن على إيمان بموته على الصليب أو بأبويّة الله الحيّ له.
رفقةُ المسيح لك غير مرهونة بنصرانيتك، ولا بإيمانك.
هي مرهونة بصفاء روحك، ونقاء سرّك، وحبّك لمقامات الحقّ والخير والعدل والجمال.
أنا نصرانيّ، ولكنْ على ليبرالية في معتقدي.
مسيحي الذي يرافقني في مدارج حياتي، وفي معراجي الى الإله، يُمسك يدي فيوصلُني إلى حيثُ لا أقوى وحيداً.
يمسك يدي ولا يلمسها.  
مسيحيّتي ليست إيماناً بإله بل عشقاً له، وتوقاً إليه، ثمّ لُصوقاً به. هي التزامٌ بما أوصى الإله، وهي حبّ عابق بالسلام.
حبي يُكسبُني نعمة مرافقتي المسيح الى عرش الرب.
مسيحي مبادئ محبة وسلام. مسيحيتي التزام بها.
أنت أيضا  تقدّم الحبّ على الإيمان، إن عملتَ بالنعمة بوصايا الله في القرآن الذي هو منارة للعالمين.
إعتقادي أن المسيح يرافقُك إذذاك أنت أيضا في معراج السلوك، وإلى أن ترتمي بكليّتك في أحضان ربّك ارتماءً أخيرا يكون نتيجةَ تقديمِك الحبَّ على الإيمان.
يمسك يدك ولا يمسّها.
ألمسيح ليس حكراً على النصارى.
هو رفيق كلّ سالك.
هو حبيبُ كلّ محبّ.