لا همج ولا زعران.. هم أنذال.

كتبت مرة عن ربيع بيروت الذي أزهر في تشرين ال 2019.  عن المرج الموّاج، وعن خفق الجناح،  ورائحة الرياحين في ساحات بيروت. عن الأيادي المرفوعة والصوت المرتفع: نحتقركم أيّها السفلة.
لمحتُ يومَها زنبقةً بيضاءَ بها لمعة وبريق. وقد مزّقَتْ قماطَها وغرزت جذورَها في أسفلت الطريق.
صلّيتُ لئلّا تقطفَها يدٌ تافهة. أو تدوسَها أقدامُ السفهاء. لئلّا تُنحَرَ في ليلة حمراء.
ألإستجابة تأخّرت ولكنّها أتت. اليوم. ينبعثُ ربيعِ بيروت من جديد . إطلالتُه الثانيةُ أيضا في تشرين.

قدّمت في كتابات أخرى ميخائيل نعيمة على جبران . بالطبع، أنا لا أقصد جبرانَ يومِنا صهرَ جنرال عصرِنا، بل الآخرَ الذي شرّف الإسمَ قبل أن تلحقَ بها اللعنة ثمّ اللوثة.
ممّا يعجبني عند نعيمة تعريفٌ للهمج. هم عنده سبّاقين إلى تعظيم الأنا، وكأنّما هم يعيشون لإشباعها. همجيٌّ عنده كلُّ مّن أطلق نارا على عصفور أو صادَ سنونوة بإسم “السبّورت”. همجيةٌ في عُرفِه كلُّ مَن دلّعت إبنا لها أو إبنة، في حضور امرأة حرمها اللهُ نعمةَ الأولاد..

إختصر ميخائيل ولكنّه أشبع. إحتكر الكلمة وأنزلها منزلة الصدق والحقّ. كانت الصفة لتصحّ لنعت أبطال التواصل الإجتماعي. . “زعران” سمّاهم واحدٌ له مع الكلمة صولات. ليس أنّ قاموسَه ضاق فلجأ الى هذا النوع من التعابير، لكنّه تقصّد الصدق فصدق.
عندي، أبطالُ التواصل هم أنذالُها. الذين نبتوا في الأزقّة، ونمَوا فيها.

لندَع هؤلاء في مزابلهم. نحن اليوم بحاجة في الوطن إلى مّن هم من قماشات أخرى. حرير، ولا يعطي قيمتَه لآخر.
لو نعودَ إلى زمن الكبار ونغيّرَ حتى ملابسَ أهلِ السؤ، أبناءِ الجواري الذين أنزلونا إلى هذا الدرك الجهنّمي. نُلبسُهم الشروال والصدريّة والسترة..
السترةَ والعفّة. عفّةَ الجسدِ وعفّةَ النفس والروح.
أهلُ الثقافة لا يكبُرون في الأزقّة. ولا أهلُ الفكر والشرف. أهلُ الشرف لهم شُرُفاتُهم وقصورُهم، ولو كانت من قصب..!

في وطني لبنان حلّ زمنُ الأوادم. أبناءِ الموعدِ الذين اصطفاهم الربُّ ليضعَ في عقولهم أفكارَه، وعلى ألسنتِهم رؤيتَه.
هل يكونُ لنا هذه المرّة رئيسٌ قماشة حرير؟

Leave a Reply

Your email address will not be published. Required fields are marked *