ودِدتُ لو أنّ رئيس البلديّة كان مِمّن يعطون للإنتقاد مساحة في طبعهم إن وُجّه لهُم وجاهة، ولا يسارعون إلى الإجابة الجازمة حتّى قبل انتهاء مُحدّثهم من حديثه. ودِدتُ ذلك لأنني طالما رغبتُ في طرح بعض الوقائع أمامه ولكنني لم أفلح.
ألآن وعلى باب انتخابات جديدة، يُعتبر هو المرشح البارز فيها، فقد اخترت أن أُزفرَ من صدري بعضاً من ضيقاتٍ كتمَت على أنفاسي وما عدت قابلاً لها، فرأيتُ أن ألفظها بأسئلة لا أدّعي براءتَها.
حضرة الرئيس العزيز، هل قدّمتَ أفضلَ ما عندَك في السنوات الطوال التي أمضيتَها في منصبكَ؟
سمعتُ بعض الخبثاء يروّجون أنّنا اليوم أمام ظاهرة جديدة تتمثّل بأن يكون لضيعتنا رئيسان للبلديّة لا واحد فقط. ولِمَ لا؟ ألا تعتبر هذا حظا استثنائيّا لنا؟ ألا يعني هذا المزيد من الإنتاجيّة؟
ألا تعتقد أنّ لمنافسيك المقدرة والرغبة في توفير إضافات ما، تستفيد منها البلدة، لم تقوَ أنت على تقدبمها؟
إن أقنعتُك أنا، أو أقنعك سواي أنّ المرشّحَين الجديدَين لهما قدرات استثنائيّة على قيادة الجماعة، هل سيسمحُ لك كبرياؤك على التنحّي لهما فتوفّرَ على بلدتك كمّاً هائلا من مشاعر التحدّي والحقد والضغينة والثأر؟
إن نصحك أحدهُهم ، أو نصحتُك أنا، بإفساح المجال لسواك لاكتساب شرف خدمة الجماعة، هل تتفهّم هذه النصيحة، أو تبوّبها في خانة الإنهزاميّة وتصنّفها مَجلَبة للعار؟
ألا تعتبرها مهانةً، كما أعتبرها أنا، لو نحن عرّضنا ضيعة صغيرة كضيعتنا للإنقسام عبر معركة إنتخابيّة حادة؟
ألا ترى، كما أرى، أنّ التفاهمَ والتلاقي والتآخي والتسامح والتحابّ هي الفضائل المسيحيّة الأبرز؟ أم تُرانا نسينا ادعاءاتِنا أنّنا مسيحيون؟
ألا يجدرُ بنا أن نفكّرَ الآن، الآن، بقول السيّد ” مّن أراد أن يخاصمَك ويأخذَ ثوبَك فاترك له الرداء أيضا.” أما حان في حياتنا وقت هذا القرار؟
حسناً، دعك من فكرة التنحّي ولنتحاشى تفسيرات الإهانة وتعريض الكرامة. فلنطرح فكرة التلاقي والتفاهم على مجلس بلديّ مُزكّى. هل ترونها جديرة بالبحث؟ هل يسمح لكم كبرياؤكم بنصف خطوة إلى الوراء؟
هل فاجأك سائلٌ يوماً عمّا إذا كنتَ قادرا على تقديم خدمة لم توفّرها بعد لمواطنيك أبناء بلدتك؟ أو هل سألتَ نفسك يوماً هذا السؤال؟
هل توافق على أقوال يُهمَسُ بها وفحواها أنّ أهلَ بلدتك لا يستحقونك؟ هل من ردّ من ناحيتك عليها؟
هل يزعجك القول إنّك ومجلسك سرتَ في ادارة شؤون البلدة على خُطى أسلافك الذين أداروها في القرن الماضي؟
هل تُبدي الإحترام لمنافسيك اليوم على مركز شغلتَه مديدا؟ هل تحتقرُهم؟ هل تكرهُهم؟
هل تخشى على بلدتك فيما لو جلس سواكَ على مقعدِك؟ أوعلى أيّ شيء تخشى؟ على المقعد نفسه ربما؟ على كرامتك مثلا؟
هذا غيضٌ من فيض يُغرق فكري في الكثير من الشكّ والحيرة حيال ما إذا كنّا نمارس، في ما نسمّيه انتخاباتٍ، فعلاً ديمقراطيّا حضاريّا، أم نرخي العنان لأنانياتنا ومصالحنا الذاتيّة الكريهة التي لا تُشبعُ ولا تُثري.