شوفيّة صغيرة . تكاد أن تساوي حياً من أحياء الدير. يسمّونها في الجيرة عين المعاصر.
صغيرة، وتكاد تكون قاصرة ، لذلك جعلوا منها اسما مضافا في التسمية الرسمية، حيث نقول معاصر بيت الدين.
صغيرة الى حدٍّ يسهُلُ إصلاح أمرها. ولكنّ غالبيّة أهلها لا يحبّون الإصلاح.. إلّا إذا ترافق وتلازم مع التغيير…
وإن وُجد مَن يَصلُح للإصلاح، فالإصلاح لن يكون من شأنه لأنه قد يكون من الأقليّات. والأقليّات في الضيعة كما هم في الوطن. لا شأن لهم إلّأ إذا تجمّعوا وتحالفوا وتعاضدوا واتحدوا واندمجوا وانصهروا وتعاهدوا. وان هم فعلوا فليس على بذل الجهد للاصلاح، بل على هزيمة العائلة المنتفخة جدا..عددا.. .
ألإنتخابات على الأبواب. السياسيون الصغار أصيبوا بمرض الكبار في هذه البلاد العاثرة. وإذ لا بدّ من داء نتسلّى به، فقد استبدلوا علّة الطوائفيّة بوباء العوائليّة. عائلة كبرى. وتجمّع أقليّات. وصراع أبديّ يرتاح له رئيس البلديّة ولا يشعر بان تغييره يريح قلب الربّ، وهو إلى ذلك واجب وممكن وسهل وعذب ولذيذ وميسور ويسير. وبمتناول اليدين.. والرجلين
صديقنا، رئيس بلدتنا يعتزّ بانتمائه إلى العائلة المنتفخة جدا.. عددا. يرى في ذلك ترسا له ودرعا يقيه شرّ العثرات والمؤامرات، وتوفّر عليه عناء السعي لإصلاح ما يسهُلُ إصلاحه وتغيير ما يمكن تغييرُه. العائلة بعددها سندٌ للظهر وضمانة للفوز. علامَ إذاً لا يتسلّى ونائبَه ببناء المزارات؟
رئيس البلدية هو بَيّ الضيعة. بعد السؤال عن الأحوال، تهابلتُ مرّة وقلتُها في حضرتِهِ. غفِلت عن كوننا من العالم الثالث وفي ذيله الأعوج، ولا لزوم لهذا الهذيان. وكان هبوبٌ رافضٌ ترافق مع انزعاج في المزاج . بيّ الضيعة؟ هذه كانت ناقصة. ورشقني الرجل بثرثرة من نهج البلاغة ظنّ أنّ الفضل لها في إسكاتي. أمّا أنا فسرّ سكوتي كان: فالج لا تعالج.
أهالي الضيعة لا يستحقون رئيس بلديّتهم .. هم بمعظمهم فلاحين ومكارجية “رابيد” وعسكرجية وسماسرة سيارات وتجار دكاكين صغار.. وكهنة تزويج وتجنيز.. وحرتقجية. وهو؟ هو مدير لفرع أحد البنوك التافهة التي سرقت أموال الناس. أعيدوها أيّها السفلة..!
أنا حزينٌ. حزينٌ جداً. إن جرحت، فهمّي وهدفي وطموحي هو إصلاحُ الحال.
.