فيينّا تبدّل وجهها.

القبقاب قطعة من تراث. مع دريد لحام صار شيئا آخر عما هو في الحقيقة. صار فنّا شعبيا محبوبا.
استُبدل في بلادنا في زمن النفط بشحاطة النيلون، وهذا ليس جميلا.

الحرارة في فيينا منخفضة جدا. هي أعلى مما هي عليه في بولندا او شرقي ألمانيا، ولكنّها مؤذية. بالتأكيد تتجاوز العشر درجات تحت الصفر.
وقفت قرب النافذة أرقب شارعا خلا إلّا من القلّة. عادت بي الذكرى إلى شارل بودلير ومتعة مراقبة الناس في الشارع.

يبدو في العقد الثالث من عمره. سحنة آسيوية. عربيّ على الأرجح. نحالة في الجسم وسواد حاد في الشعر.
يجتاز الشارع. وجهته مجمّع التسوّق.
ملتفّ بمعطفه الشتويّ. يغلّف رأسه بالقبعة المثبّتة فيه. يحمي يديه في جيبيه. . يلبسه فوق لباس النوم.
في قدميه العاريتين شحاطة بلاستيكية. يعتزّ بها. قطعة من تراث.
الوقت عند الأوسطيّ ثمين جدا. حتّى في موسم الصقيع، لا مجال لصرفه في لبس الجوارب وربط شريط الحذاء. هذا سيكون وقتا ضائعا.
وإن فعل فهو يسرق هذه اللحظات من ساعات نومه، أو صلاته، أو استماعه لنشرات الأخبار المتلاحقة، أو ربّما لمسلسلات شاشته التافهة.

إنّه منظر غير مألوف في هذه البلاد. هو منفّر أيضا.
ونسأل عن أسباب تنامي التطرف..!
فيينّا تتغيّر بسرعة.. نحن، ليتنا نتغيّر بالسرعة ذاتها.