[arabic-font]
لي في حياته عبرة وذكرى.
قصد بيتَ لحم لنيل بركة الميلاد، ولكنّه لم يفلحْ ببلوغها. حالت الحروبُ الصليبيّة التي كانت تُخاضُ يومها دون وصوله إليها؟ في طريق عودته بدا شاحباً يائساً حزيناً، ما أثار قلق رفيق دربه.
وصل عشيّة الميلاد الى إيطاليا، ومن على تلّة مُشرفة على بلدة صغيرة في سهل قريب، برقت له واحدة من أرقى الأفكار الموحى بها من فوق. أشار بإصبعه إلى البلدة وقال لرفيق دربه: بيتَ لحم. ها قد وصلنا.
ذُهل الراهب المرافق له لسماع هذا الكلام، وظنّ أنّ الحزن أخذ بفرنسيس إلى أن أبلغه حدّ الهذيان، ولكنّ ظنّه هذا تكشّف عن واقع إعجازيّ مختلف عند وصولهما إلى البلدة.
قصد فرنسيس بيت مزارع وطلب منه أن يدعوَ أهلَ القرية، بينما انشغل هو بتجميع الحيوانات قرب مذود مدّد فيه طفلا صنعه من قشّ، وبدأ الإحتفال بميلاد السيّد.. في بيتَ لحم…
أكبر الجمعُ بفرنسيس هذا الصفاء الذهنيّ والروحيّ، وأدركوا أنّ السماء توحي للصفاء بما تريد قوله. هي قالت في هذا المساء: بيت لحم لم تعدْ في أورشليم. إنّها حيث يكون مؤمنون بقلوب نقيّة ونفوس تقيّة.
قالت السماء لفرنسيس أن يقولَ لي، ويوصيني لأقولَ بدوري لكلّ من يشبهني: إنّ بيتَ لحم تكون في غرفتي، إن نزعتُ عني جلدَ الثور قبل أن أباشرَ بناءَ مغارة صغيرة تحت نافذتها، أو تزيينَ شجرة عيد في زاويتها.
قالت السماء لفرنسيس أن يقولَ لي: إنّ بيتَ لحم تصير في قلبي، إنْ أنا رفعت عينيّ عن معلفي، ونظرت إلى خبز الحياة النائم في المذود المجاور لي. وإنْ أنا أنصتتُ الى صوتِه: هلمّ إلى مائدتي. كُلْ جسدي، واشرب دمي.
[/arabic-font]