شُبّه لهم..!

[arabic-font]

شُبّه لهم مرّة في التاريخ. ثمّ اعتدنا على هذه الظاهرة..!
النساء التي تُباع. الأطفال المطمورون تحت الأنقاض. بؤس الأرامل. الرؤوس المقطوعة. وعيون البنات المقلوعة. صراخهنّ. شرفهنّ. عفّتهنّ.
لا تصدّقوا شيئا من هذا.
مسرحيّة آلهة تُمثَّل على أرضنا المباركة.
الذين يموتون هم سوانا. نحن لا نموت. يشبّه لنا.
هكذا بكلّ بساطة.. يُشبَّه لنا..!
لا أمل..!


شُبّه لنا ( لهم ) أنّنا خزّان طاقة الذرّة الروحيّة الكونيّة، فاطمأنّينا إلى أنّنا غالبون. ولو كانت الغلبة الكبرى مؤجّلة إلى حين.
حتّى تتمّ الغلبة لا بدّ من غائب خارق موعودة عودتُه.
إن لم يكن رَجُلُنا موجودا، فلا بأس من بعض الوهم.
لم ننتبه إلى أنّنا نتحدّث بلغة قديمة عن جديدنا.
إلى أنّ عجلتنا تدور حول نقطة مركزيّة واحدة. تعود دوما إلى حيث انطلقت.
لا أمل..!


شُبّه لنا ( لهم ) أنّه لا معنى للقداسة إن لم تُرَ. قدّسنا المرئيّات. وفي طليعتها اللغة. قدّسناها ثمّ عبدناها.
سخرت اللغة منا. قالت: سُذّج. أستعبدهم.
قلنا: عذراؤنا، المجد لها. حرف الضاد يميّزها. هو العلامة. نحميها، نمنع المسّ بها. كفانا أنّ لنا فيها الممنوع من الصرف حتّى نتميّز.
ما أسعدنا..! عندنا حرف الضاد والممنوع من الصرف..
لا أمل..!


عندما شُبّه لهم يوما وجوب صون عذراويّة لغتهم قرّروا تحييدها. وكتابة تاريخهم بسيوفهم من على صهوات جيادهم. خاصة عندما يتعلّق الأمر بكراماتهم.
صيانة عذراويّة لغتنا تحتّم علينا اليوم كتابة دساتير ربيعنا بصواريخنا.
لا أمل..!


قدسيّة لغتنا. عذراويّتها. وجوب حماية عفّتها. حقائق لا جدل فيها.
ممنوع صرف الممنوع من الصرف..!
إن فُرض علينا الحوار في عواصمنا، فالأولويّة للرصاص والصواريخ.
إن فُرض علينا الكلام. ففي عواصم بعيدة. وبلغة ليست لغتنا.
لا أمل ..!


–  أنا أؤمن أنّه صُلب. وقام. قلت لصاحبي.
– قال: واهم أنت. بل شُبّه لهم..!
–  بل إنّه جاء من أجل هذه المهمّة بالتحديد. الصلب. فكيف يشبّه لهم؟ لو لم يفعل لكانت مهمّته قد فشلت.
–  تريد لي أن أقتنع أنّ الله كان نجّارا يصنع الأبواب والخزائن. وثمّ أنهى حياته معلّقا على الصليب؟ تريدني ان أقتنع بهذه الخرافات؟
–  بل أريد لك أن تؤمنَ أنّ ذلك النجّار صنع من الطين عينين لمولود محروم منهما منذ الولادة. بالتمام كصنيعه آدم. من طين. وإنّه أقام الموتى، ومنهم واحد كان قد أنتن في القبر.
أقامه بكلمة منه. ” لعازر.. لك أقول، هلمّ خارجا “.. ودبّت الحياة في الجسد المتعفّن. وعادت الى القلب نبضاته. وجرى الدم في العروق. وتواصلت مراكز التشابك في الخلايا العصبيّة في الدماغ. وخرج المكفّن يمشي على قدميه..
كلّ ذلك بكلمة. بالتمام كما خلق الكون. بكلمة منه. ليكن.. فكان..!
بهذا أريد لك أن تؤمن…
– يا إلهي..! أيُعقَلُ أن يكونَ هذا؟ لا.. لا.. دعك من هذه الهلوسات.. يُشبّه لك..!
–  وأقول لك أخيرا إنّه مات. هو النجّار الذي قال أنا هو.. أنا القيامة والحياة. مات. مات بطبيعته البشريّة.. كإنسان..
هل تفهمني يا صاحبي؟ ليس الله هو الذي مات. بل هو يسوع. الطبيعة البشريّة. الإنسان..
–  وقام؟
وقام.. في اليوم الثالث.. وأبطل الموت بقيامته. وفتح للإنسان باب السماء.. بالفداء.
ولو لم يقم، لكنت أنا اليوم مفتقداً للرجاء.. مرتعدا من الموت..!

ويصرّ صاحبي على عناده. النور جاء إلى العالم، وهو لا يريد أن يراه.
وأصرّ أنا على أملي. أحبّ لصاحبي أن يبصر النور. ويُشغَف ببهائه.
أحبّ أن نتشارك، أنا وهو، في النور الذي وعدنا الربّ به..!
أحبّ لصاحبي ما أحبّ لنفسي. أن يتخلّى عن هذه الكلمة الخشنة رنّتها. شُبّه لهم…
ألأملُ كبيرٌ.. كبيرٌ جداً جداً..!

[/arabic-font]