قرأت بالأمس في سفر التكوين ما لم أرَه في ما مضى سوى تفصيلا. جاء ذلك في الإصحاح الثالث ضمن مشهد طرد الله الإنسان الأوّل من جنّة عدن. قال:
“لأنّك سمعت لقول امرأتك، وأكلت من الشجرة التي أوصيتك قائلا، لا تأكلْ منها؛ ملعونة الأرض بسببك. بالتعب تأكل منها كلّ أيّام حياتك، وشوكا وحسكا تُنبت لك ، وتأكل عشب الحقل”.
إستوقفني مشهدُ الشوك الذي تنبته الأرض في درب المطرودَين. رأيتُ فيه تأديبا وليس انتقاما.
قرأتُ اليوم في العهد الجديد، وبالتحديد في إنجيل يوحنّا، ما لم أرَه في ما مضى سوى تفصيلا. جاء ذلك في وصف الإنجيليّ لمشهد جَلد يسوع واضطهاده قبل عمليّة الصلب. قال:
“فمضى به العسكر إلى داخل الدار، التي هي دار الولاية، وجمعوا كلّ الكتيبة، وألبسوه أرجوانا، وضفروا إكليلا من شوك ووضعوه على رأسه”.
ألآن، وبعد أن استنارت بصيرتي بنور الحقيقة، وارتوت روحي بالماء المُحيي، بتّ عارفا لما كنت جاهلَه، رائيا لما كنت مُغفِلَه. ها آدم الثاني يُزيل، في ملء الزمان، شوكَ الأرض الذي حوته، في بدء الزمان، دربُ آدم الاوّل. كلّ الشوك رُفع مع إطلالة شمس النعمة، فحمله الربّ على رأسه مع ما حمل.
دربُ الإنسان ليست بعدُ مزروعةً بالشوك، بل بحرير النعمة. مأكلُه ليس بعدُ عشبَ الحقل، بل الخبزُ النازلُ من السماء. هذا إنْ هو اختار عِشرة الربّ والشراكة معه…