أنا في العالم. لم يكن لي خيار في ذلك. خياري أن أشتهي العالم، أو أن أشتهي ما وراءه. أن أشتهي المُلك، أو أن أشتهي المَلِك.
إن اشتهيتُ المُلك فاسمي نيرون، أو نبوخذنصر، أو بيلاطس، أو سواهم من طغاة عصورنا.
إن اشتهيتُ المَلك فاسمي ابراهيم، أو موسى، أو داود، أو كثر من قدّيسي عصرنا ومختاريه.
إن اشتهيتُ المَلك، فالمُلك كائنٌ فوق ومحفوظٌ لي. المكافأة مؤجّلة، ولكنها مضمونة وبهيّة وثمينة.
إن اشتهيتُ المَلك وعرفتُ كيف آكل جسده، فأنا عارف كيف أقدّم جسدي أيضا طبقا لذيذا للجياع. بالحالة هذه يكون المَلك معي، فلا يتركني. هو إلى جانبي كلّما ناديتُه. صلاتي تكون مسموعة ومُجابة، ولو كنتُ لجوجا ومتطلبا.
كُلْ جسدَ المَلك يسهُلْ عليك أنْ تصومَ عمّا سواه. هو يغيّر اسمَكَ، فليس بعد أبرام، أو يعقوب، أو يوسف مقصود، بل هو ابراهيم، أو اسرائيل، أو شربل. ولا يعود اسمُكِ ساراي أو بطرسيّة، بل يصير سارة أو رفقا…!
أتناولُ القربانَ بفرضيّة أنّي أحبّ الربّ إلى حدّ يقيني إنّي أبتلعُه، عارفا أنّه يمقت مجاورة الموبقات في جوفي. أنا على يقين ثابت بأنّ القربان باقٍ في جوفي، بَرَكةً تتكدّس فوق بَرَكَة.
أسارعُ كلّ يوم أحد إلى تناول قربان الربّ، وأنا عابدٌ خيراتِ الأرض، فعبثا أستجدي بَرَكَة السماء، لأنّ مناولتي لن تعدوَ كونها مضغا لكسرة خبز. لا يبقى منها أثرٌ فيّ، كسواها من مكوّنات مأكلي.
لا أتطفّل على المَلك إنْ لم يدعُني إلى مائدته.
مائدتُه عليها طبقٌ واحدٌ: جسدُه، وكأسٌ واحدٌ: دمُه.
هو لا يدعوني ما لم أكنْ مستحقا. يدعوني إذا لمح فيّ ميلا للتوحّد معه .
قناعتي أنّ تلبيتي الدعوة هو سبيل الخلاص الأوحد…!
هنيئا لك، إنْ دعاك فلبّيت…!