حادثة إخراج سمعان بطرس من السجن اكتنزت تفصيلا رائعا..!

[arabic-font]

حادثة إخراج الملاك للرسول بطرس من السجن وتخليصه من حكم الإعدام الذي كان هيرودس على وشك تنفيذه به، وقعتُ فيها على تفصيل لعلّه يكتنز دون سواه العبرة الأعمق.
الحادثة جاء سردها على الوجه التالي:

“وفي ذلك الوقت مدّ هيرودس الملك يديه ليسيء إلى أناس من الكنيسة، فقتل يعقوب أخا يوحنا بالسيف، وإذ رأى أن ذلك يرضي اليهود، عاد فقبض على بطرس أيضا. وكانت أيام الفطير. ولما أمسكه وضعه في السجن، مسلما إياه إلى أربعة أرابع من العسكر ليحرسوه، ناويا أن يقدّمه بعد الفصح إلى الشعب. فكان بطرس محروسا في السجن، وأما الكنيسة فكانت تصير منها صلاة بلجاجة إلى الله من أجله.
ولما كان هيرودس مزمعا أن يقدّمه، كان بطرس في تلك الليلة نائما بين عسكريين مربوطا بسلسلتين، وكان قدّام الباب حرّاس يحرسون السجن؛ وإذا ملاك الربّ أقبل ، ونور أضاء في البيت، فضرب جنب بطرس وأيقظه قائلا: قم عاجلا. فسقطت السلسلتان من يديه.
وقال له الملاك: تمنطق والبس نعليك. ففعل هكذا. فقال له: البس رداءك واتبعني. فخرج يتبعه. وكان لا يعلم أن الذي جرى بواسطة الملاك هو حقيقيّ، بل يظنّ أنه ينظر رؤيا،
فجازا المحرس الأول والثاني، وأتيا إلى باب الحديد الذي يؤدي إلى المدينة، فانفتح لهما من ذاته، فخرجا وتقدما زقاقا واحدا، وللوقت فارقه الملاك.”

المعجزة تحتلّ حيّزا كبيرا في الإناجيل المقدسة، وهي تلفت نظرَ القارئ الذي يؤخذ بها ويقدّمها على ما سواها من عِبَر، فيبتعد به الخيال إلى حدّ التمنّي بأن يكون واحدا من المعاينين لشخوص قادمين من العالم العلويّ، سواء كانوا قدّيسين أو ملائكة.
بطرس، الصخرة التي اختارها المسيح أساسا لكنيسته، كان مسجونا ومحاطا بحراسة مشدّدة، لأنّ الملك هيرودس كان يريد إرضاء اليهود بإعدامه في اليوم التالي.
قراءة الحادثة مثيرة وآسرة بالطبع. رجل قديس مظلوم ينتظر تنفيذ الحكم بالموت. هو محروس بفرقة كاملة لأهميّة مركزه. ملاك آت من سماء لم يرَها سوى الذي أتى منها وثم عاد إليها. ألمشهد إستثنائيّ بكلّ المقاييس. قدرات الملاك تفوق الطبيعة. ألأبواب تنفتح من ذاتها. سلسلة الحديد تسقط من ذاتها. الجنود الستّة عشر يُنوَّمون. السجين يمتثل للملاك، وينفّذ أوامره. لحظات تمرّ فإذا هو، بمعجزة، خارج الزنزانة…
كلّ هذه الأحداث تتوالى، وبسرعة حركيّة تأسر انتباه كلّ قارئ، بحيث أنّه لا ينتبه إلى تفصيل يبقى بالنسبة لي – على الأقلّ – هو الأهم. هو الذي يكتنز في ذاته الأمثولة الأروع والحدث الأبرز في القصّة كلّها.

لعلّك، صديقي، انتبهت معي إلى أنّ بطرس كان محكوما بالموت، وكان الحكم سينفّذ في اليوم التالي. هو كان يعرف ذلك، ولكنّه رغم هول الحدث كان نائما…
رجل يغطّ في نوم عميق، بينما لم يتبقّ له سوى ساعات في هذه الحياة الدنيا. أليس هذا أخّاذا؟
نومه كان عميقا إلى درجة وجد الملاك نفسه مضطرا الى ضرب جنبه لإيقاظه..!

لفتني هذا التفصيل الرائع من القصّة. قدّمتُه على كلّ ما سواه. شكّل بالنسبة لي العِبرة الأهمّ من بين عِبَرِها.
فكّرتُ بالأرَق الذي يأسرني في كلّ ليلة، فيجعلني ألجأ إلى المنوّمات أحيانا. سألتُ نفسي عن أسبابه. نظرتُ إلى الأقراص المنوّمة على طاولتي. أدركتُ تعاظم المسافة التي وجب عليّ اجتيازها للّحاق بسمعان بن يونا.. بطرس.

إستصغرتُ نفسي. لِمتُها. عاتبتُها.. إنحنيتُ أمام رُقيّ إيمانه هو..
قلتُ: هَبْني ربّي، أنا أيضا، إشراقا من لَدُنِك يكون نورا لفكري وقوّة لإيماني..
هَبْهُ ربّي، لكلّ ولد من أولادك الّذين ضرعوا إليك سائلينه… آمين.

[/arabic-font]