الموت: المُحِبّون يأتون من السماء لمرافقة المحبوب الذي يفارق الحياة. (ألأبرار والتائبون طبعا).

[arabic-font]

(( عندما ضعف جسمه، وفي دقائق حياته الأخيرة، كان والدي يتحدث إلى عمي شكري وأختي ناهية المنتقلان قبله. هكذا روت أختي فريدة، وقد كانت بجانبه. البعض منا قالوا إنهما كانا بجانبه. البعض ابتسموا واستخفوا بالكلام الساذج. بعد قراءة هذه التأكيدات على لسان يسوع، لا يعود هناك مجال للشك بما قلناه وفهمناه))
——————————————
ينادي يسوع: «أيوب، تعال إلى هنا. أترى تلك النقطة اللامعة كالذهب؟ إنها بيت الرب. هناك ستقسم أن تطيع الشريعة وتخضع لها. ولكن هل تعرفها جيداً؟ »
يجيب الصبيّ:«كانت أمي تحدثني عنها، وكان أبي يعلمني الوصايا. أعرف القراءة و… أظنني أعرف ما قالاه لي قبل موتهما…» الصبي الذي ركض مبتسماً لدى سماعه نداء يسوع، يبكي الآن خافضاً رأسه، ممسكاً يد يسوع بيده المرتجفة.
«لا تبكِ. اسمع. هل تعرف أين نحن؟ إننا في بيت إيل، حيث رأى يعقوب حلمه الملائكي. هل تعرفه؟ هل تتذكره؟»

«نعم يا سيدي. لقد رأى سلماً منتصباً من الأرض إلى السماء، وكان الملائكة يصعدون عليه وينـزلون. كانت أمي تقول لي إننا في ساعة الموت، إذا كنا صالحين على الدوام، فسنرى الرؤيا نفسها، ونذهب بواسطة هذا السلّم إلى بيت الله. لقد كانت أمي تقول لي أشياء كثيرة… أما الآن فلم تعد تقولها لي… وهذه كلها لدي هنا، وهي كل ما أملك منها…» وتنهمر الدموع على الوجه الصغير الحزين جداً.

«ولكن لا تبكِ هكذا! اسمع يا أيوب. أنا كذلك لدي أم اسمها مريم، وهي قديسة وصالحة وتعرف أن تقول أشياء كثيرة. إنها أكثر حكمة من معلم، وأفضل وأجمل من ملاك. سوف نذهب الآن للقائها، وستحبك كثيراً. وستقول لك أشياء كثيرة. وبصحبتها أم يوحنا، وهي أيضاً صالحة جداً، واسمها مريم. كذلك أم أخي يوضاس، وهي أيضاً رقيقة مثل شعاع عسل، وهي أيضاً تدعى مريم. سوف يحببنك كثيراً لأنك صبي نجيب، وحباً بي، أنا الذي أحبك كثيراً. وسوف تنمو معهن، وحين تصبح كبيراً، ستصبح أحد قديسي الله. ( من المعتقد أن الصبي أيوب والذي سمته مريم مرجزيام هو التلميذ مرقس الذي نشر المسيحية في مصر وكتب إنجيلا مسمى باسمه واستشهد في نهاية حياته بطرقة بشعة).  وكحبر سوف تبشر بيسوع الذي أعاد لك أماً هنا، والذي سيفتح أبواب السماء لأمك المتوفاة ولأبيك، ولك أيضاً عندما تأتي ساعتك. فلن تكون مضطراً لصعود سلم السماء الطويل ساعة الموت. لأنك ستكون قد صعدته أثناء حياتك، بكونك تلميذاً صالحاً، وستجد نفسك هناك على عتبة الفردوس المفتوحة، وسأكون أنا هناك، وسأقول لك: تعال يا صديقي، ويا ابن مريم”. ونكون معاً.»

الصبي ليس غبياً، ولكنه فقط مثقل بآلام كثيرة وحرمان، وهو مهتم بالقصة. يسأل: «ولكنك تقول إنك ستفتح أبواب السماوات. أليست هي موصدة بسبب الخطيئة العظيمة؟ كانت أمي تقول لي إنه لا يمكن لأحد الدخول دون مجيء الغفران، وإن الأبرار كانوا ينتظرون في اليمبس.»

«هو هكذا. ولكنني سأمضي إلى الآب، بعد إعلان كلمة الله و… حصولي لكم على الغفران، وسوف أقول: “أيها الآب، الآن أتممت مشيئتك بالكامل. وأريد الآن المكافأة على تضحيتي. فليأت الأبرار الذين ينتظرون ملكوتك”. ويقول لي الآب: “فليكن كما تشاء”. حينئذ سأهبط وأستدعي كل الأبرار، وسيفتح اليمبس أبوابه لدى سماعه صوتي، وسيخرج الأحبار القديسون مبتهجين، ومعهم الأنبياء المشرقون ونساء إسرائيل المباركات، ثم هل تعلم كم من الأطفال؟ مثل حرج من الزهور، أطفال من كل الأعمار! وسيتبعونني صاعدين إلى الفردوس البهي وهم يرتلون.»
«هل ستكون أمي هناك؟»
«بالتأكيد.»
«لم تقل لي إنها ستكون معك عند باب السماء حينما أموت أنا أيضاً…»
«بل هي، ومعها أبوك، لن يكونا في حاجة إلى التواجد عند ذلك الباب، فهما، كملاكين، لن يتوقفا عن الطيران من السماء إلى الأرض، ومن يسوع إلى أيوب الصغير. وعندما تكون مشرفاً على الموت سيفعلان كما يفعل هذان العصفوران، هناك في ذاك السياج، أتراهما؟» يحمل يسوع الصغير بين ذراعيه ليرى بشكل أفضل. «هل ترى كيف يربضان على بيوضهما الصغيرة؟ ينتظرانها حتى تفقس، وبعد ذلك يبسطان أجنحتهما على فراخهما ليحمياها من كل سوء، ثم، عندما تكبر الفراخ وتصبح مؤهلة للطيران، يحملانها بأجنحتهما القوية ويأخذانها هناك في الأعالي، في الأعالي، في الأعالي… صوب الشمس. كذلك سيفعل أبواك معك.»
«هل سيكون هكذا حقاً؟»
«بالضبط هكذا.» يجيب يسوع.
«ولكن هل ستقول لهما بأن يتذكرا أن يأتيا؟»
«لن تكون هناك حاجة، كونهما يحبانك. ولكنني سأقول لهما

( يبقى القول إن كنت تؤمن فلا بدّ لك أن تصدّق )

أنشودة الانسان الاله / فالتورتا 3  –  55

[/arabic-font]