[arabic-font]
إرعَ خرافي..!
الحرب التي شَنّها العقل على السماء كانت عثرة كبيرة لرعاة الخراف الضالّة. الرعاة الناعسين في دعوتهم إلى التوبة والعودة، وكأنّهم هم أنفسهم يتشكّكون بما يدعون إليه. . أو أنّ الغالبيّة منهم لا تفهم جوهر ما تقدّمه للخراف من غذاء على مائدة السماء الروحيّة.
فشل هذه الحرب ليس بعد كاملا، ولكنّه يتكامل. إحتكار العلم للعقل، ونصب الحدود بينه وبين الإيمان يتلاشى. والجماعات المحتكرة للعقل، بصفته سيّد لا يقبل إلّا بما تراه العين وتثبته التجربة، تحارب الآن تحت سقف أوهام يتداعى تدريجيا.
هذا ينطبق أيضا على الجماعات التي أنسنت الحياة، إذ هي اكتشفت الإنسان وجعلت منه المركز الأبديّ لجميع الأشياء.
أيّ إيمان. وأيّ إله؟
خسارة الإنسانيّين ودعاة النشوء والإرتقاء لحربهم لمصلحة الإيمانيّين آتية لا محالة. ولكن لمصلحة أيّ إيمانيّين؟ لمصلحة أيّ إيمان؟ وبأيّ إله؟
هذا الغموض الكبير الذي لا أرى له حلا إلّا بعون معجزيّ. بتدخّل فاعل من الإله الحقيقيّ..!
علامَ يمكن أن يتّفق الإيمانيّون اليوم؟ ما هي ماهيّة هويّتهم؟
التأمّل في أحوال مصالحهم لا يفضي إلّا إلى التعويض عن فشلهم في الغلبة بانجرافهم إلى الكراهيّة. ألإيمانيّون يتكارهون ولا يكرهون العقليّين الذين يطالبون بالبراهين. هم يختارون التعايش معهم. لا يُصدرون فتاوى بوجوب أو جواز قتلهم.
تكارُه الإيمانيّين طبيعيّ. قبل ألفي عام، ألّذين سمعوا السيّد المسيح يقول ” أبي يعمل حتى الآن وأنا أعمل” أو ” قبل أن يكون ابراهيم أنا كائن” سعَوا إلى قتله. لأنّه أهان الله بحسب فهمهم له. لأنّه خالف إيمانهم وقال بما لا يقولون. هذا نشهده اليوم أيضا.
في الحرب الدائرة بين الإيمانيّين يستحيل أن يكون الربح لصالح الروحانيّين. هم خسروا هذه الحرب على مدى التاريخ. النصر كان دوما لصالح الإيمانيّين الدنيويّين. مهنة الذبح عريقة عراقة مجتمعاتنا البائسة. ثمّ تأتي أيضا شراكات النفط وحوافزه في غير مصلحتهم اليوم..
التنظيف بالقتل..!
خسارة الإنسانيّين ومحتكري العقل لحربهم يحوّلهم من سكنى خيمة الإستخفاف بخصومهم إلى خيمة كراهيّتهم.
ربح محتكري الإيمان الدنيويّ المادّيّ لحربهم يحوّلهم من كراهيّتهم للروحانيّين إلى قتلهم. قتلهم ليس شرفا قتاليّا. هو واجب تنظيفيّ وانتفاء وظيفيّ.
الكراهيّة تصير هنا فارغة المضمون. مثيرة للضحك. أيضا للإشمئزاز. بل قل للغثيان. هي حمّالة لأقنعة مصالح. متحجّجة بخدمات تؤدّيها للسماء. لا نفع لها سوى كشفها للإنهيار النهائي..
إمّا أنتم. وإمّا نحن.. يقول دوما الطرف الأقوى.. والطرف الآخر الأضعف يقولها أحيانا..!
عايشنا هذه الحقائق إبّان الحرب اللبنانيّة التي أنتن فيها أصحابها. رائحتهم لا زالت حتى اليوم تزكم أنوفنا. هذه الحقائق نعايشها اليوم. كلّ يوم..!
كراهيّة الخصم إلى حدّ التلاشي المفزع لحدود الرحمة. وكذلك الحسم بقتل المختلف معنا في الإيمان بوسائل مرعبة طوّرها العقل وفخر بها. هذان دليلان على شراسة العراك الأخير.
هل يكون تدخّل للسماء فيه..؟
هل تحسمه هي؟
لا حلّ آخر في الأفق..!
[/arabic-font]