[arabic-font]
يسوع يشرح للتلاميذ:
حب الإنسان، وخاصة حب المرأة لأولادها، له قيمة الوصية. ففي كلام الله لآدم وحواء، بعد أن باركهما، لرؤيته أنه صنع “شيئاً حسناً”، في اليوم السادس الغابر من الخليقة، اليوم السادس الأول للخلق، قال لهما: “انموا واكثروا واملأوا الأرض…”. أرى الاعتراض الذي لم تعبّر عنه يا يهوّذا، وأجيبك مباشرة هكذا: في الخلق، وقبل الخطيئة، كان كل شيء منظماً ومؤسساً على الحب. كان تكاثر النسل هذا سيكون حباً مقدساً وطاهراً وقادراً وكاملاً، وقد جعله الله وصية أولى للإنسان: “انموا واكثروا”. وبالنتيجة أحبوا، بعدي، أولادكم.
الحب، كما هو الآن: ذاك الذي ينجب أطفالاً، لم يكن موجوداً آنذاك. لم يكن الخبث موجوداً، كما لم يكن موجوداً معه الجوع المقيت للأحاسيس. كان الرجل يحب المرأة، والمرأة تحب الرجل بشكل طبيعي، ليس طبيعياً حسب الطبيعة التي نقصدها، أو بالحري، تلك التي تقصدونها أنتم البشر، إنما حسب طبيعة ابناء الله: بشكل فائق الطبيعة. أيام أولى لطيفة بين الإثنين اللذين كانا أخوين، لأنهما كانا مخلوقين من أب واحد، ومع ذلك كانا زوجين، وفي حبهما، كانا ينظران إلى بعضهما بالعينين البريئتين اللتين لتوأمين في المهد. واختبر الرجل حب الأب تجاه قرينته “عظم من عظامه ولحم من لحمه”، كما هو الابن بالنسبة إلى أبيه. وكانت المرأة قد عرفت فرح كونها ابنة، مما يعني أنها محمية بحب سامٍ جداً، إذ كانت تحس أنها تملك فيها شيئاً من ذلك الرجل الرائع الذي كان يحبها ببراءة وبحرارة ملائكية في مروج عدن الجميلة.
«بالفعل، العودة إلى المنابع صعبة. فلقد أصبح الإنسان، منذ قرون، بل ألفيات، في الوحل، وتلك المنابع عالية جداً، متربعة على القمم! ثم، الأول هو نبع يأتي من ارتفاع شاهق: الله… ولكنني آخذكم بيدكم وأقودكم إلى المنابع. فأنا أعرف أين هي…»
«وأنواع الحب الأخرى؟» يسأل في الآن ذاته سمعان الغيور والأندوري.
«الأول من السلسلة الثانية هو حب القريب. وفي الحقيقة هو الرابع بالقدرة. ثم يأتي حب العلوم، ثم حب العمل.»
«وهذا كل شيء؟»
«هذا كل شيء.»
«ولكن، هناك أنواع أخرى كثيرة من الحب!» يقول يهوذا الإسخريوطي.
«لا بل هناك أنواع أخرى كثيرة من الجوع، ولكنها ليست أنواع حب. بل هي “غياب حب”. فهي تنكر الله وتنكر الإنسان. لهذا السبب لا يمكنها أن تدعى حباً، لأنها إنكارات، والإنكار هو البغض.»
[/arabic-font]