[arabic-font]
ما عثرتُ إلا وقد أغضبتُها..
آه لو إنّي..
أصغيتُ الى صوت أمّي!
.لَكَمْ حرقتْ عينيها دموعي!
وأوجعَتها كسورُ ضلوعي !
.شاءَتْ لي أن أتبعَ النهرَ.
أرتني ذهَبَه
أرشدتني إليه.
زرعتْ بنفسجاً في ضفّتيه..
.
رغبتُ بالموجِ أتبعه
هويتُ صخبه.
ومِن يومها، ما قاسمني أحدٌ همومي.
ولا أفادتني سهامي.
ولا حمتني دروعي..
.
ما التقيتُها
إلا..
ونهتني عن مواصلة الموت الرحيم..
ذكّرتني بالنهر.
أغوَتني..
بالصوت الرخيم..
.
حُصّ صنوبرٍ، قالتْ..
قلتُ: رصاصة..
كلّ الصنوبرات في حقلي برّيّةٌ يا أمّي.
أبحثُ فيه..
عن كرْزٍ..
عن كوزٍ..
عن كنزٍ..
عن رمْزٍ.
أبحثُ فيه عن أنمُلة..
عن دالية
تعربشُ على ساق سنبلة..
عن رمّانة تلد نجوما…
.
ثمرٌ فاسدٌ يا أمّي..
شجرٌ تافهٌ يجاورُه عوسج..
تهمةٌ مولودةٌ من تهمة…
.
.
2-
.
إنها العصافيرُ يا ولدي..
تطرّزُ الفضاءْ..
ولا تملّ.
شاركها في تطريز الفضاءْ ..
ولا تملّ.
إنها قبّرة يا ولدي..
توشوشُ الترابْ
تشي له سرّ السماءْ.
ولا تملّ..
لا تصغي إلى صوت الغرابْ.
لا تعجّل في عشق الغيابْ.
.
بل هي حصىً يا أمّي..
حدّقي بها جيدا..
غربانٌ مخمورة.
عصافيرُ محنّطة.
أو لا فرق بين قبّرة وبين حصاة عطشى لفظها البحرُ يا أمّي؟
.
في حقلي الملتهبِ
كلُّ الصنوبراتِ برّيةٌ..
جذوعُها
خصورُ نساء.
خصورُ نساء.
غصونُها
أياديهنّ الشقيّة.
خصورُ النساء تشبه جذوعَ صنوبراتي البريّةِ يا أمي..
في حقلي الملتهبِ..
في وجداني المكتئبِ…
.
3-
.
أخذك يا حلوتي العمرُ .
أخمد حبّي الوقتُ.
أخذني القهرُ.
.
صرفتُ العمرَ
واقفا ..
تحت الشبابيك العتيقة.
باحثا..
عن رفيق.
عن رفيقة.
أدقّ الحزنَ.. في جرنِ الخليقة.
وما فطنتُ للحقيقة..
إلا وقد طارَ الدوري من يدي..
واحترقَ الفجرُ في كبدي..
وانفجرَالريحُ في جسدي.
.
نقر تشرينُ على نافذتي..
يا ختيارة.. يا حلوتي..
ردّ لي أيقونتي
ملفوفةٌ بعباءتي
مزروعةٌ بزنبقةٍ بيضاءْ
في بيتٍ مُضاءْ
مقفل على قيدٍ. ورؤيا
وسفينه..
تبحرُ في غيمه
علِقتْ في عوسَجه
نبتتْ في جُمجُمه..
تتلو عنّي صلاتي الأخيرة.
.
4 –
.
وان شئتَ ربّي بعدَ الموتِ بعثَ دمي ..
إن شئتَ إحيائي..
وتجميعَ أشلائي.
لك حبّي ربّي !
لك دعائي..
ورجائي.
أعطني أن أكونَ لها إبنا
وأن تكونَ هي أمّي…
رحماكَ ربّي..
رحماك بي.. رحماك بأمّي.
فبراير 2014
[/arabic-font]