إسرائيل. هذا السهمُ المغروسُ في جسمٍ عليل. خطّطَت إسرائيلُ لقتل خمسةَ آلافٍ منّا في دقائقَ معدودة. فشلَت. أصابتنا فقط في عيوننا. فقأتها. وفي أيدينا. بترتها.
لم نَمُت.. إنتصرنا. أنا حزينٌ جدّاً، وموجوعٌ جدّاً.
يحيى سريع من اليمن يوجعُني جدا. في كلّ إطلالة له يوجعُني. يحيى سريع سرُّ أمّتي الخفيّ. خَلطَتُها السحريّة. هو الصوتُ الذي يريدُ أن يقهرَ الموت. الكلامُ المرصوفُ في دفاتر العبث . الجهلُ المهووسُ بهواية الانتصار. الجنُّ الذي يتحايل على العلم.
يحيى سريع من اليمن السعيد يوجعُني في حومة تجلّيه الميمون. أنا موجوع.
علي حجازي ومحمد علّوش قياديّان في وطني البائس. يحتسيان كؤوس الملح. مهووسان بالمعرفة. متبحّران في كلّ علم. لا تقلّ معرفتُهما بالتكنولوجيا عنها بالعلوم الحربيّة والاجتماعيّة والسياسيّة. كلُّ مَن خاطرَ بالموافقة على محاورتِهما على شاشة مرسيل غانم يجبُ أن ينتهيَ إلى الخلاصة التي انتهى اليها العميد خليل الحلو. سأله مقدّمُ البرنامج في النهاية: هل تريد أن تردّ يا عميد؟ قال وحزنُه بادٍ: لا لزوم للردّ. . .
لا لزوم للردّ.
أنا أيضا حزين. أنا موجوع. موجوعٌ جدّاً
نكبة ال 1948، وهزيمة ال 1967، ثم نكبات لبنان المتلاحقة، فكارثة غزّة، وصولا إلى بليّة ال ” بيجر ” الأخيرة. الفارسان حسن الدرّ وعلي الحجازي، ومعهما المغوار فيصل عبد الساتر، والخلطة السحريّة يحيى سريع مسؤولون عنها كلِّها. هم مشغولون جدّا بالنّعت الذي يجب أن يُطلَقَ على بليّة لبنانَ الأخيرة. جريمة أو مجزرة. إستقرّ رأيُهم على كلمة مجزرة.
لم يقتنعوا بعد أنّهم ليسوا هم السؤالَ والجواب.
لن يقتنعوا أنّ كلمة الذكاء الإصطناعي أهمّ بكثير من تسميات من مثل: بركان وشهاب وزلزال وفاتح والقاهروخيبر.. آه.. وما أدراكَ ما خيبر…
لم يقتنعوا بعد أنّ التحوّلَ عِلما أجدى بكثير من التوجّهِ شرقا.
أنا حزينٌ عليكم يا سادة. أنا موجوع. جدّاً جدّاً جدّاً.