ألأمّ إذ تشتهي الإنطلاق..!

[arabic-font]

ليس بدون انحناءة أذكر أمّ أغسطينوس وقد غلب على اسمه لقب بليغ في تعبيره وهو “ابن الدموع”.
ليس بدون انحناءة أقرأ تفاصيل حلم رأته، في وقت كان قلبها مفطورا على ضياع ابنها وانتمائه الحصريّ للجسد.
الخبر بتفاصيله أورده وأترك لك قارئي المحبوب أنْ تعتبر منه وتعلّق إن شئت.

” إذ سكبت مونيكا الدموع لسنوات من أجل ابنها، وطلبت من الكاهن أن يصلي لأجله قدم لها الله تعزية في حلم. رأت نفسها تقف علي منصة خشبية وإذا بصبي مشرق الوجه يبتسم بينما كان الحزن يملأ كيانها. جاء الصبي يسألها عن سبب حزنها ودموعها المستمرة التي لا تجف، فأجابته: “إنني أبكي من أجل ضياع نفس ابني”. قال لها الصبي: “انظري وتأملي أيتها الأم، في المكان الذي تقفين يقف ابنك أيضًا”، تلفتت مونيكا وإذا بها تقف علي منصة عالية ومعها ابنها أغسطينوس.
روت هذا الحلم على ابنها، أما هو فقال لها: “لا تيأسي يا أمي! فربما تصيرين حرة يومًا ما مثلي”. ( يقصد حرة من عبوديتها لله).
أما هي ففي يقين بعمل الله قالت له:
“كلا! إنه لم يقل لي حيث يكون ابنك تكونين، بل حيثما تقفين فهناك يقف ابنك أيضا”.
يتذكر أغسطينوس بعد توبته ومعرفته لله أمه ودموعها السخية فيقول في مناجاته لله: “خادمتك، عبدتك، التي حملتني في الجسد لأولد للنور الزمني. وحملتني في القلب لأولد للنور الأبدي. أمي التي أنا أؤمن أن كل ما يفيض فيَّ من حياة يرجع إليها، إلى الدموع الأمينة إلى الدموع الدائمة، إلى دموع أمي وُهِبْتُ حتى لا أهلك”.
بعد عماد أغسطينوس شاء العودة إلى أفريقيا فرافقته أمه مونيكا في السفينة وكانت تقول له: “يا بُنيَّ إن بقائي على الأرض أضحى فضوليًا، ولا أدري لماذا لا أزال حية، لأنه لم يبقَ لي شهوة أطمع فيها فلقد تحققت رغباتي كلها”. وبعد خمسة أيام من هذا الكلام مرضت مرضها الأخير الذي عبر بها إلى الأبدية.

[/arabic-font]