ألأنا التي أطمئنُّ إليها..

بحثت عن راحة نفسي. شئت أن أطمئنَها.. أن أنزعَ الرعب منها. لجأت إلى عقلي. قرأت في ما كتب كثيرون من فلسفة واجتماع. قلت: ألملمُ أشلاءَها، فما كان إلا إني أقلقتها، وزدتُ في تبعثرها…ما وجدت راحةَ نفسي ـ قبل أن اتعرّفَ على كتابات ماريّا فالتورتا ـ إلا عندما قرأت في سيَر القديسين. أياً تكن،  وأينما وحيثما وجدوا…
تعرّفت على رؤى فالتورتا فصارت هي المخزون الذي أشتمُّ فيه رائحةَ روحي، وأستلُّ منه راحةَ نفسي، وأستقي منه سلامَها وسلواها…

……………….

إن أقرأ في سيَر القديسين، أشعرْ أنّ أناسا مثلنا تواجدوا على هذه الأرض، تحكّموا بنفوسِهِم ووجهوها أنّى شاؤوا. سخّروها لإرادتهم. بل قلْ لأرواحهم التي سمَت الى حدّ محاذاة الكمال.
القداسة ليست قدرا. هي خيار وقرار.

………………

أدونيس قال : «أكتب، لا لكي أستجمعَ نفسي،بل لكي أُبَعْثرَها،وليس لكي أطمئنَها، بل لكي أقلقََها»:مَن يَطمئنُّ للشاعر في قوله هذا؟
حَلَت على لساني نصيحة أسديها لشاعر النفس القلقة: إقرأ بتواضع كتابات ماريا فالتورتا.

…………….

أنا أقرأ، ثمّ أكتب لكي ألملمَ نفسي المُبعثرة. أجمّعُها. أنتزعُ فزعَها. أطمئنُها. أسلخُ قشرتها. أستأصلُ أورامَها. أقتلعُ أدرانَها. أعرّي انتفاخَها.

سرّي في كلِّ هذا: أُخضعُها لروحي. أجعلُها تأتمرُ لي. لا أأتمرُ لها..!
أوليست النفسُ أمّارةً بالسوء؟

……………………
مشكلةُ شبابي  الكبرى هي في أنّني لم أشأ أن أكونَ ظلّا. مشكلتي الآن وقد جاوزت السبعين أنّي ربحت رهاني في أن لا أكونَ ظلّا، ولكنّي عجزت أن أكونَ الأنا التي أطمئنُّ إليها…أتُرايَ ألأنا وظلُّها؟ أمِن هنا مصدرُ شعوري المزدوج بالخيبة؟إنّ مصدَرَ طرب الكثيرين يأتي من رؤيتِهم لظلال أناهم المنفوخة. هذا يطمئنُهم ألى وجودهم…بؤساء..
لن أكونَ أنا، إلّا إذا استرجعتُ وجهي وكنت ظلّ ه هو ..
………………………..

يُكثرون من الاسئلة ان هم كتبوا.. يقولون إنهم ينكأون جراحا..بحاجة لتضميد الجراح وما أكثرَها…اأعتقدُ أن رئيس الأطباء واحد.. لا سواه…اهو يختارُ مساعديه …انسمّيهم قديسين..
أحيانا نسمّيهم كتّابا أو أدباء..

………………….

يوم كنت في العشرين حبستُ نفسي في سجن عقلي، وما قدرت الانعتاقَ منه إلّا وقد بلغت الستين…االيوم. في السبعين. أنا فارٌّ من حبس عقلي، لاجئٌ في فضاء وجداني.. أشعرُ بسعادة مختلفة. بسلامٍ مختلف. كأنّي بلا وجه.. بلا إسم.. بلا شكل.. كأنّي في سجنٍ غير محدود.. اختياري لا قسري..ا

…………………